كيفَ طَوتكَ المنُونُ يا ولدى ؟ - محمود سامي البارودي

كيفَ طَوتكَ المنُونُ يا ولدى ؟
وكيفَ أودعتُكَ الثَّرى بيدى ؟

وَاكَبِدِي يا «عَلِيُّ» بَعْدَكَ! لَوْ
كانَت تبلُّ الغليلَ " واكبدى "

فقدُكَ سلَّ العِظامَ مِنِّى ، ورَ
دَّ الصَّبرَ عنِّى ، وفتَّ فى عضُدى

كَم ليلة ٍ فيكَ لاصباحَ لها
سَهِرْتُهَا بَاكِياً بِلاَ مَدَدِ

دَمعٌ وسهد ، وأى ُّ ناظِرة ٍ
تَبْقَى عَلَى الْمَدْمَعَيْنِ والسَّهَدِ؟

لَهفى علَى لَمحة ِ النَّجابة ِ ! لَو
دامَت إلَى أن تَفُوزَ بالسَّددِ

مَا كُنْتُ أَدْرِي إِذْ كُنْتُ أَخْشَى عَلَيْـ
ـكَ الْعَيْنَ أَنَّ الْحِمَامَ بِالرَّصَدِ

فَاجَأَنِي الدَّهْرُ فِيكَ مِنْ حَيْثُ لا
أَعْلَمُ خَتْلاً، والدَّهْرُ كَالأَسَدِ

لَوْلاَ اتِّقَاءُ الْحَيَاءِ لاعْتَضْتُ بِالْـ
حِلمِ هُياماً يحيقُ بالجلَدِ

لكنْ أَبَت نفسى الكريمة ُ أن
أَثْلِمَ حَدَّ الْعَزَاءِ بِالكَمَدِ

فليَبكِ قلبِى عليك ، فالعينُ لا
تَبْلُغُ بالدَّمْعِ رُتْبَة َ الْخَلَدِ

إن يكُ أخنَى الردى علَيكَ ؛ فقَد
أخنى أليمُ الضنَى على جسدِى

عَلَيْكَ مِنِّي السَّلامُ تَوْدِيعَ لا
قالٍ ، ولكن توديعَ مُضطهَدِ