صُبْحٌ مَطِيرٌ، وَنَسْمَة ٌ عَطِرَهْ - محمود سامي البارودي

صُبْحٌ مَطِيرٌ، وَنَسْمَة ٌ عَطِرَهْ
وَأَنْفُسٌ لِلصَّبُوحِ مُنْتَظِرَهْ

فدُر بعينيكَ حيثُ شئتَ تَجِدْ
مُلْكاً كَبِيراً، وَجَنَّة ً خَضِرَهْ

سماؤها بالغصونِ واشِجة ٌ
وأرضُها بالنباتِ مؤتَزِره

مَنْظَرُ لَهْوٍ تُعِيدُ بَهْجَتُهُ
أَكِنَّة َ الْعيْشِ وَهْيَ مُنْحَسِرهْ

فَالْعُفْرُ تَحْتَ الظِّلاَلِ رَاتِعَة ٌ
وَالطَّيْرُ فَوْقَ الْغُصُونِ مُنْتَشِرَهْ

والطلُّ ينهلُّ مِن مساقِطِهِ
مِثْلَ عُقُودِ الْجُمَانِ مُنْتَثِرَهْ

جَدَاوِلٌ في الْفَضَاءِ جَارِيَة ٌ
ومُزْنَة ٌ فِي السَّمَاءِ مُنْهَمِرَهْ

دُنيا نعيمٍ تكادُ زهرَتُها
تَزْرِي عَلَى الشَّمْسِ وَهْيَ مُزْدَهِرَهْ

لاَ ظِلُّهَا راكِدُ النَّسِيمِ، وَلاَ
غُدرانُها بالغثاءِ مًختمره

فيابنَ وُدِّى ! هلمَّ نقتسمِ الـ
ـلَهْوَ، فَنَفْسِي إِلَى الصِّبَا حَسِرَهْ

وَخَلِّنَا مِنْ سِياسَة ٍ دَرَجَتْ
بَيْنَ أُناسِ قُلُوبُهُمْ وَغِرَهْ

يَقضونَ أيامهُم على خطرٍ
فَبِئْسَ عُقْبَى السِّيَاسَة ِ الْخَطِرَهْ

خَدِيعَة ٌ لاَ يَزَالُ صَاحِبُهَا
بَيْنَ هُمُومٍ وَعِيشَة ٍ كَدِرَهْ

مَا لِي وَلِلنَّاسِ، لاَ لَدَيَّ لَهُمْ
حَقٌ يُؤدَّى ، ولا على َّ تِره

قَدِ التقينا من غيرِ سابقة ٍ
فِي دَارِ دُنْيَا بِأَهْلِهَا غَدِرَهْ

نَلهو بها حِقبة ً ، ونتركُها
إلى مهاوٍ فى الأرضِ منحدِره

كلُّ امرئٍ ذاهبٌ لغايتهِ
وكلُّ نفسٍ بالغيبِ مؤتمِره

يا ربِّ هب لى منَ الكرامة ِ ما
يسرُّ نفسى ، فإنَّها وجرَه

ولا تكِلنى لِمن يعذِّبُنى
فإنَّ نفسى إليكَ مفتقِرَه