يَا قَرِيرَ الْعَيْنِ بِالْوَسَنِ! - محمود سامي البارودي

يَا قَرِيرَ الْعَيْنِ بِالْوَسَنِ!
ما الذي ألهاكَ عنْ شجني

كيفَ لاَ ترثي لمكتئبٍ
شفهُ برحٌ منَ الحزنِ ؟

هبكَ لمْ تسمعْ شكاة َ فمي
أَوَ لَمْ تُبْصِرْ ضَنَى بَدَنِي؟

يَا عِبَادَ اللَّهِ! مَنْ لِفَتًى
بِيَدِ الأَشْوَاقِ مُرْتَهَنِ؟

رَعَتِ الأَشْوَاقُ مُهْجَتَهُ
وَبَرَاهُ الْوَجْدُ؛ فَهْوَ ضَنِي

آهِ منْ ظبيٍ خلعتُ بهِ
فِي مَيَادِينِ الْهَوَى رَسَنِي

سَاحِرُ الْعَيْنَيْنِ مَا بَرِحَتْ
لَحْظَتَاهُ مَصْدَرَ الْفِتَنِ

سلمتْ بعضُ الوشاة ِ بهِ
منْ نميمِ الغيَّ في سننِ

صرفوهُ عنْ طبيعتهِ

صرفوهُ عنْ طبيعتهِ
وَعِنَانُ الْقَلْبِ فِي الأُذُنِ

وَ قرينُ السوءِ مجلبة ٌ
لدواعي الهمَّ وَ المحنِ

فاتركِ الدنيا ؛ فلستَ ترى
صاحباً إلاَّ على دخنِ

مَنْ جَرَى فِي غَيْرِ حَلْبَتِهِ
كان موقوفاً على الظننِ