للنّوارسِ أحزانُها - محمود فرغلي

للنّورسِ الغضبانِ أغنيةٌ تفَُلُّّ الصمتَ،
محْبرةٌ هيَ الترياقُ،
أجنحةٌ يعانقُها الفضاءْ .
وله امتطاءُ ذُرَا القصيدةِ في العُلا ،
ولهُ المدَى،
وله امتدادُ البحرِ،
والآفَاقُ مُتَّسَعٌ لشدوٍ دائمِ التحنَانِ يَرْتعُ في السماْء .
فاخْتَرْ مدارَكَ في البلادِ كما تَشَاءْ 0
للنورسِ الغضبانِ قافيةٌ من اللهبِ
وله تَشِبُّ النارُ في الكلماتِ ؛
تَنْتَفِضُ الرُّؤَى ،
وتغيمُ نفسُك بالبلاءَاتِ الحميمةِ،
تعْتلي متنَ السّوَابقِ ،
والسوابقُ تحْفظُ المِضْمارَ
تجمحُ في البعيدِ ،
تَمرُّ دونَ مرارةٍ ،وتفوزُ بالنّأْيِ الرّحيمِ،
تحطُّ فوقَ مباهجِ الكتبِ.
فاخترْ لنفسِك ما تشاءْ 0
لنْ تعرفَ السّهدَ المُحَلِّقَ فوقَ أكداسِ الطوابيرِ الغفيرةِ
في محطاتِ الكآبةِ ، في المدائنِ ، في المقاهي
، في قُرَى غطَّى ملامحَها الأسى ،
وانْكبَّ فيها الصمتُ يلعقُ ما تبقَّى من رجاءْ 0
يا أيـهّا المسكونُ بالكلماتِ ،
أجنحةُ القصيدةِ لا تُعِيرُ العابرينَ فضاءَها،
لا تمنحُ المهزومَ
غيرَ تَوَهَّجِ السَكَرَاتِ قبلَ بَشائرِ العَطَبِ.
للنورسِ الغضبانِ ما شاءت له الكلماتُ من غضب ِ.
فلهُ القصيدُ يـُُـعيدُ تمهيدَ الأزقَّةِ في الخيالِ،
يُعيدُ تنسيق البلدْ .
وله الأبدْ ،
وله المواويلُ الشجيَّةُ يَسْتَفِيقُ بها الجسدْ،
وله العَدِيدُ - تميمةُ البسطاءِ - يقدرُ أنْ يُخاتـِلَها
فتمتزجُ الحلاوةُ في القصيدةِ بالبكاءْ
وله الفؤادَ مجهَزٌ للعيشِ أعواماً عديدةْ ،
وطبيعةُ التّكييفِ في " دارِ الفؤادِ " تُلائِمُ الشعراءَ مِثْلَكَ،
والسعادةُ في القصيدةِ ،
والقصيدةُ كالدواءْ
مَن يرحمُ الفقراءَ ِمن مَوتِ الفُجَاءَةِ في المساءْ ؟
ِمن جَلْطَةٍ دكَّتْ حُصونَ الكبرياءْ
مِن دمعةٍ تطفُو على وجهِ الحقولِ المُشرَئِبَّـةِ للعرقْ.
لنْ تُسعِفَ المحرومَ أطْنانُ الورقْ.
ورقٌ…………ورقٌ
كلُ القصائدِ مِن ورقْ،
طَعْمُ الفضيحةِ مِن ورقْ،
طلبُ الإحاطَةِ ، والمضَابطُ ، والقوانينُ الكسيحةُ ،
والأكاذيبُ الكبيرةُ من ورقْ
هلْ تدركُ الأوراقُ في زهوِ الخمائلِ لوعةَ الحَطَبِ ؟
َمن يرحمُ الأحبابُ تحتَ سَنَابِكِ السرطَانِ،
تحتَ مَبَاضعِ الأحزانِ،
تحتَ رَطَانَةِ الخُطَبِ ؟
يا معهدَ الموتِ الرّحيِمِ
اغفرْ لنَا خطأَ الأحبةِ بِاقْترافِ الحُبِ أعواماً عديدةْ،
وارحمْ وُرودَ العمرِ مِن جرْعَاتِ خُسرانٍ طويلْ
فالخاسرونَ - على الدوامِ - سيخسرونَ،
وتربحُ الكيمياءُ تجربةً جديدةْ .