قصائد قصيرة - محمود فرغلي

(1) عودة
أسيوطُ تفردُ للمساءِ عباءَةَ الصمتِ،
الصهيلُ يدقُّ آذانَ الحقولِ،
ُيريقُ أحلامي على الطرقاتِ،
يَنزعُ عن جبيني ذلك الطفلَ القديمْ.
لتقومَ أمّي في المساءِ،
وترتَدِي عشرينَ عاماً من سوادْ
وتقولُ لي :
أنَّي يتيمْ
(2) الأمة
َأمَةْ
تعيشُ التريّضَ في وهمِها
وتحلمُ بالمُلكِ والتّاجِ والصّولجانْ
وتضحكُ
إنْ راودَتْها الحقائقُ عن نفسِها
وتَنسى على الدّرجِ أنَّ الصعودَ عُروجٌ إلى الوهمِ
لاينْتَهي بالقِيَانِ لغيرِ مَخَادعِ أسيادِها
ِلتَسْقُطَ
فى الوحْلِ مُستَسْلِمةْ
(3) مرآة
حينَ أراهْ
مذمومَ الشفتينِ
وقد طُمِسَتْ فوقَ شُطوطِ النّأيِ خلاياهْ
خلفَ النظّارةِ ترقدُ ذاهلةً
عينٌ تطلبُ مِن أمواجِ البحرِ الهادرِ طوقَ نجاةْ
حين أراهْ
مصلوبَ الحلمِ على أستارِ المِحْنَةْ ،
معطوبَ القلبِ ،ومقلوبَ السِّحنَةْ،
معجوناً بالغربةْ
أَسعُلُ ،
أَتْفُلُ ،
أَبْصقُ فى وجهٍ
يرمُقُنِي فى المرآةْ.
(4) وجبة
هذا زمنُ الوجَبَاتِ الفائِقَةِ السّرعةْ
الخلطةُ سرٌ
واللحمُ شَهِي
ما بين الشاطرِ والمشطورِ
تَهَدَّلُ أشلاءٌ طازجِةٌ
لِقتيلً عَرَبيّْ
( 5) ملل
مَللتُ المسافاتِ بيني وبينَكِ
بحثاً عن اللونِ والطّعمِ والرائحةْ
مَللتُ التَّشَظِي على حافةِ الوهمِ
لا الموتُ يُعطي لقلبي رحيقاً
ولا الأرضُ ترحمُ أحلاميَ النازحةْ
مللتُ اكتهالى، اكتهالَكِ عبْرَ المواقيتِ
والقلبُ يشكو التصحّرَ
لا منكِ نِلتُ الحليبَ
ولا القطرةَ المالحةْ
كأنَّّا خسرنا كثيراً بميلادِنا
فَمَنْ ذا أبيعُ ؟
أَنا ؟
أنتِ ؟
أينَ التجارةُ ،والصفقةُ الرابحةُ ؟
(6) زهور
زهوٌر من الطِّينِ
تَذْبلُ في حضنِ أتْرَاحِها
وأُخرى تعيشُ على حلمِها المسْتحيلْ
وثالثةٌ
تَتَعَرّى لتكشفَ للرّيحِ
عن سَوْءَةٍ طيِّ أثوابِها
وأنتِ كما أنتِ
يا وردةً من رمادِ الفصولْ
على حافةِ الريحِ تنتظرينَ الخلاصَ
وتنسينَ أنكِ في ذِمّةِ الريحِ
تنكَسرِينَ على بابِها
فلا للنضارةِ سارتْ خُطاكِ
ولا للذبولْ
متَى تَبْلغُ الروحُ حُلقُومَها؟
(7)صخور
لِمَنْ تَقْدحُ الأغنياتِ
وتُشْعِلُ ِمنْ نَاظِرَيْكَ اللّهَبْ ؟
لِمَنْ ؟
و الصخورُ القمِيئَةُ تَسْتَعذبُ الصّمتِ
في زيهِّا المستعارِ
وترضَى بسُكْنى الكهوفِ البعيدةِ
ترضَى رفاهةَ صيدِ الطيورِ
سذاجَةَ لَهْوِ الصغيرِ
إذا ما اسْتِهَمَّ اللّعِبْ
لمن تقدحُ الأغنياتِ ؟
وليسَ الزمانُ زمانَ الجبالِ ،
وكلُ التلالِ التي أشبَهتْها استكانتْ، وَصَلَّتْ
صلاةَ الغبارِ لريحِ المُلِمِّاتِ …. حتّى التّعَبْ
لمن تقدحُ الأغنيات ؟
صخورُ الأماني تَمُوءُ على سُدَّةِ الريحِ
شابَ اللهيبِ بأوصَالِها
فاستراحَاتْ من الحلمِ
حتى أتاها يقينُ العطبْ
(9) تسبيح
أَلفيْتُه في بهوِ المسْجِدِ
يُمْسِكُ مِسبَحَةً
ويُتَمْتِمُ
باسْمِ الولاياتِ المتَّحِدَةْ
( 10) عَدَالة
لم يَجد السَّيّّّّّّدُ أَحَدَاً
يحكمُ بالسّجْنِ عليهِ سوى نفسِهْ
فَسَجَنَهَا
ُثمَّ استَصْدَرَ حُكماً ببراءَتهِا
(11)مشيئة
في العتمةْ
تَتَعَرَّى الكلمة ْ
تخرجُ في كاملِ زينتِها
تنتظرُ النورِ الِممْرَاحْ
في النورِ تَخُورُ
وترجعُ مسخنةًً بالصّمتِ تماماً
(هذا ما شاءَ لها السَّاسُةُ من أتْرَاحْ)
(12)تعريف
وطني :
سكينُ تَلِمَةْ ..
لا تتقنُ إلا ذبْحَ الأْبَناءْ .