ُعرْسُ السَّنَابِل - محمود فرغلي

لِسِوايَ تحتفلُ الجنائزُ بانْفلاتِ سنابلِ الموتَى
وفى قلبي تَبَرُّجُ حِنْطَةٌ
يلهو بها العيشُ المريبُ
أَأُقِيمُ في وخمِ الهُراءِ مُؤَبناً
تلكَ السنابلَ فوق مأدبةٍ على شرفِ الدماءِ ؟
فَلَيْتَني كنتُ المضرجَ بالفناءِ
يجرُّنِي لعوالمِ الإشراقِ – مغتبطاً - غروبُ .
مِنْ أجلِ ماذا ؟
تصْطَفِى تلك الحياةُ سَنَابلي
وتَحُطُنِي وتَشِيلُنِي
ويقومُ فوقَ ملامِحِي الحَرَّى سرابُ
وأنا انْحناءُ الحلمِ في قلبِ الفَتَى وأنا انفلاتُ الفرحِ من قِرطِ الفتاةْ.
ودموعُ أطفالٍ تَشَرَّدَ جَمْعُهم بحثاً عنِ العلمِ المحلِّقِ والطوابيرِ الفتيَّةِ
يَزْدَهِي فيها النْشِيدُ .
فمتى تقومُ قيامتي ؟
لألوذَ بالموتِ الأَبِيّْ ،
ويتمَ إعْفَاءُ الخريطةِ من جوابٍ في جوانبِها تناثرَ في
المحافلِ في بياناتِ السلامِ المُوسِمِيّْ
يا أيها الولدُ العصِيّْ
أنتَ المُرجَّى
لخيولِكَ القُدُحُ المُعَلَّى
يا ضَيْعَتِي مِنْ بعد ما " ذهبَ الذينَ أحبُهم وبقيتُ فرْداً "
مثلَْما تبْقى الذئابُ
هَذِي الطقوس شربتها
مِن قبلِ ما ألقاكَ فوقَ وسادَتِي
في حنْطتى،
في كوبِ شايِيِ فوقَ مائدةِ البلادةِ،
في مَقَاهِي الصمتِ أَرْفو محنةً
وتُطلُ من عَينيَّ أنتَ فلا أراكَ مُؤَانِسي
أنتَ المسافرُ في دَمِي
أنتَ البعيدُ.
أَلأَنَّ وجهَكَ باِسمٌ مثلَ الصغارِ ؟
تذوبُ شوقاً للفتى
وَتَمُوءُ توقاً للفتاةِ، تصدُّنِي
يا أيها الشركُ الودودُ أظلَّني وأَقلَّنِي
من سنبلٍ كهلٍ إليهِ تسابقتْ - زُمُراً- حُشُودُ .
فمتى تقومُ قيامتي ؟
لِأَعيشَ في قلبِ السلامةِ وادعاً
وأذوقَ من كأسِ البراءةِ جرعةً
فَلَكَ الصبابَاتُ المعطَّلُ شوقُها وليَ الصباحاتُ الشريدةُ في الدُّجَى
لا الشمسُ تحملُها إليكَ ولا الظّلامُ .
أي الدروب إلي ربوعك دُلَّني؟
في أيِ أوراقِ الخريفِ حملتَني ؟
لأعيشَ في كنفِ الرضا
في ظلِ وارفةٍ من الصمتِ المعفرِ بالترابِ هناكَ لي قلبٌ ينامُ .
كيْ يستريحَ بمُهْجتي عُشرونَ هِكْتَاراً من الأحزانِ
تحلمُ أنْ تُزَال وأن يُؤَجِّجَها وقودُ
فمتى تقومُ قيامتي ؟
لتنامَ من تعبٍ عِظامي
ويظلَ يضحكُ ملءَ شاهدِه الرخامُ
يا أيها الموتُ البَليدُ.
من أيِّ سنبلةٍ قفزتَ إلى سراويلِ الفتَى، وضفيرةِ البنتِ الفتاةْ .
كمْ تشْتَهى تلك الضَّفيرةُ ربتةً بخلتْ بها كفُّ الحياةْ
وتَشَوَّفَتْ للحبِ يعلو من جوانحِها براعمَ سامقاتٍ ليس تمنعُها حدودُ.
والعشقُ خلفَ الخصرِ يَدْحُو برتقالةَ حبِّها
كم تشتهى لو أنَّهُ غنَّاءُ فوقَ ربوعِها الأملُ السعيدُ.
أَقْبِلْ إليَّ أنا العجوزُ بمهجتي عشرونَ هِكْتَاراً من الزيتونِ
باقاتٌ من الريحانِ، محبرةٌ، وأوراقٌ، وليْ ثوبٌ طهورُ ليسَ
يأنفُ من عفونةِ جِيفَتي
ِمن حيثُمَا جِئْنا نعودُ .
َودَعِ الفتى حِبَ الفتاةِ
دعِ السنابلَ للحمائمِ، والنشيدَ لِصِبْيَةٍ
مثلِ الملائكِ تشتهيكَ فلا تُرَاودْها عنِ الحلمِ القريرِ بِقَاعِها
وهى المطيعةُ
حلمُها مِعراجُها
في غبطةٍ يتناثرُ الأملُ الحصيدُ .
وأنا أُحبُّكَ فاشْتَهِيني
ودعِ الأماني للفتَى
ودعِ الضفيرةَ للفتاةِ وضمَّنِي
أَنْضَاءَ روحٍ في بقيةِ هيكلٍ متآكلِ الأيامِ محمومِ الرُّؤى
أقْبلْ ِإليَّ فإنَّني - وفقُ اعتباراتِ الأَسَى - حيٌ فقيدُ.
أحْيَا على عُمْرٍ منِ القطرانِ أقْتاتُ اللظَى والعمرُ عندي ليسَ ينقُُصُ
بلْ يَزِيدُ .