أدري - مروة دياب

أدري..
حروفُك حين تسلبني الفؤادَ
بريئةٌ مِنّي
و عينُك إذ تُرَتِّلُ فِيَّ أسفارَ القداسةِ
تَغْزِلُ الأشعارَ في شفتَيْكَ قربانًا
تَلألأُ في حنينٍ منه
آياتُ البراءةِ من فؤادي
بيد أني
حين ماطلتُ احتضار الحُبِّ
آثرتُ الحياة على ربى عينيكَ
أروي منهما روحي
فأورقتُ الحياةَ
و كنتَ فجري..
...
يا عطر عمري حين ضاقت أحرفي
و تمدد الوجع الصبورْ
عيناك تسمعني ابتهالاتِ الصبابة
يوم كان الحب لعنة عاشقيْنِ تعاهدا بالصمتِ
ألا تثمر الشفتان غير الصمت
غير الصمت و الإنكارِ
إذ نمضي على درب التوجسِ
يحتويني قلبك المكبوت في إعصار شوقي
أرقبُ الوعد الكتوم
يا مالكٌ ذي الروحَ بين مواجع الذكرى
و بين مراقد النسيانِ
صارحني..
و دع عن روحك الحيرى
قداسةَ نجمة في الأفْقِ تبصرها أنا
أو قَدِّس الإنكار أكثر
كي تصد حنان عينك مرةً
و تقنع النكرانَ لكن لا تذرني في عيون الشك
ورسًا أذبلَتْهُ رياحُ صمتِكَ..
و انتظاري
...
كنتُ أغفر للجوى لو كنتَ لا تدري
و دَثَّرْتُ الفؤادَ من الحياة بدفء عينينِ
اختصرتُهما بعمري..
كنتُ بينهما -إذا الفجر ارتوى-
وترًا يداعب صمتَك البَوّاحَ بالأشواقِ
لكن حين يأتلق الهوى
يتهجد الليل العبوس بنور وجهكَ
ثم يعتكف الظلام على فؤاد من جراحٍ
قَصَّ لي وجهَ الذبولِ
و كنتَ فجري
...
أدري ..
و لكن لست من فطر المشاعر يا ربيع العمر ..لا..
و لأنني أدري
احتملتُ بجوف أحلامي دهورًا من عذابات التَّكَتُّمِ
و انكسارات الجنون على ربى الشوك الجريحةِ
لستَ تدريها
و تخذلني استعاراتُ التَّصَنُّعِ و الجَفاءِ
فيُفْضَحُ السِرُّ الدفين..
أنا لستُ أدري
غير أنك أول الدنيا
و أول طارقٍ
يَتَمَلَّكُ الحبَّ المبعثر في شقوقي
دون أن تدري
و دون القصد
تجذبني لعالمك الأليم كعالمي
تجتاحني كمرارة الأوجاعِ
تأسرني بأفلاكٍ تُذَوِّبُ فيْ سواك
و حين تفضحني طفولة خافقي
و براءة الوجه الخجول
أَفِرُّ منكَ إلى الوجود..
فأراك في كل الوجود
و أرى الوجود ثرىً.. سواك
...
أنساكَ يا عمري؟..
كنسيان الحياة و قد تمَلَّكَتِ الربيعَ
و عَلَّقَتْ ماءَ الوجود على حنين الأمنياتِ
فلا تُبالِ..
كالقضاء يَمُرُّ طَيْفُكَ في فتاتي
تنفضُ الأكفانَ
تورقُها الحياةُ
و كالقضاء يروح طيفكَ
تذبل الأحلامُ
تَسْوَدُّ الدروبُ كما اسْتَحالَتْ قبل عينكَ
كلُّ آيات السعادة و البقاء
فلا تُبالِ..
كُنْ كأنتَ..
و لكن اتركني أكُنْ
في درب حاضرِيَ الأليمِ
بعيدةً عن دفءِ قلبك
كن كأنتَ و لكن اتركني
أكنْ..
و أُحِبَّ في صمتي
كما أحببتُ – أو أحببتَ- في قيعانِ صمتٍ منكَ تدري
لستُ أدري.
_________
1/3/2006 م