أنت الطريق.. - مروة دياب

يا فـارسَ الوطـن المَسْـلوب مَعْذِرَةً
حان الوَداع و عـاد الدَّمْعُ يعْتَذِرُ

قد لا تَخُـطُّ يَدي شَيـْئًا أَكُـفُّ بهِ
عنكم زُؤامَ الرَّدى إن شاءَه القَدَرُ

رأيـت ثغـرَكَ وَضّـاءً يغـالِبُـهُ
وَهْجُ الحنين،ِ و برْقُ العُمْرِ ينحَدِرُ

و حـولك النّاس لا تـدري لأيِّ أَبٍ
تشكو و قد أضْرَمَتْ ألْبابَها الصُّوَرُ

رأيت وجهَـك و الأسقـام تَلُفَعُـهُ
و الجسم راقَ على جَنْباته العُـمُرُ

و العـينُ ذابِلَـةٌ و الشَّـوْقُ يحمِلُها
و الجَفْنُ راعِشَةٌ في شفْرِهِ العِـبَرُ

ماذا دهـاكَ؟ يطير القـلب يَلْثُـمُها
قبلَ الرَّحيـل، و أضْنى عينَه النَّظَرُ

و جـال بين روابـيها يعـانـقُـها
و اشْتَد َ يذرُفُ أشـواقًا و يَعْتَصِرُ

ماذا دهـاك؟ لمـاذا جئـت تنظرها؟
لمّا طـواكَ على ديـوانه الـسَّفَرُ

ألن تعـود؟أَتَقْـوى أن تُفـارِقَـها؟
رقْـراقَةً في جراح العُرْبِ تُحْتَضَرُ

ألن تعود؟و عين القـدس راعـفـةٌ؟
و كيف ترحلُ؟ من للقدسِ ينتَصِرُ؟

ألن تعـود؟ صلاة العـيد جـامِعَةٌ
في صخرة القدس، ذاكَ الجمعُ ينتَظِرُ

كَـذَّبْت إحسـاسًا بالبَـيْنِ راوَدَني
حتّى تَيَقَّـنَ منه السَّمْعُ و البَصَرُ

حتى رأيـتك دمـعًا في العيـون بها
تنعـاك أفئِدَةٌ، تُكْوى و تعتـصرُ

قـد كنت بحرًا تعالت فيه أشْـرِعَتي
وكنت صبري إذا ما ضاقَ بي الصَّبَرُ

و كنتَ لي ثـورَةً و الحَـقُّ يوقـِدُها
فأنت عزمي، و أنت النّارُ و الشَّرَرُ

قُمْ و انْزَعِ اليَـأْسَ من عينَيَّ و ارْمِ بِهِ
عنّي فإنَّ شِـراع الحـُلْمِ ينكَسِرُ

قم و ارْدَعِ الظُّـلْمَ أن يطـغى بعُصْبَتِهِ
جَحافِـلُ البَغْيِ لا تُبْقي و لا تَذَرُ

فمجلـِسُ الأمن ِ أشْبـاحٌ تعـاوِرُنا
و مجمعُ العُرْبِ أبْواقٌ لما قَـدَروا

قم و انْهَ عنّا، جُموعُ الكونِ قد نَشَبَتْ
أظْفارَها، و ارْعَوى عن نصرنا البَشَرُ

ماذا أقول؟ خيـولُ الـكفـرِ ثائِرَةٌ
و عادَتِ الرّوم و الأحْزابُ و التَّتَرُ

و الحربُ تزأرُ في الأقصى تُضَعْضِعُهُ
و حوله البغيُ و الإرهـابُ يَنفجِرُ

عُـدْ و انْهَ عـنّا، فإنَّ المسلمين غُثا
و خيْبَرٌ ما بَقى من مجْـدِها أَثـَرُ

و الكون يزحَفُ و الهَوْجـاءُ تتبَعُهُ
والعُرْبُ رانَ على أسيافها العَكَرُ!!

جَحـافِلٌ أقبَلَتْ و الكفرُ وَحَّـدَها
فَمَن بِرَبِّكَ يا إسْـلامُ يـنتَـصِرُ؟

فالخَيْلُ واللَّيْلُ والبَيْـداءُ قـافِيَةٌ
والسَّيْفُ و الرُّمْحُ في أشعارهم صُوَرُ

يا فارِسَ العُرْبِ ما نامـت رجولتُنا
يومًا و لا فَتـَرَ الإيمـانُ و الشَّرَرُ

لكِنَّـها شُـرِيَتْ و الذُّلُّ أثْمَـنَها
من بعدما افتَرَشَتْ ألحادَها الضَّمَرُ

يا فارس العُرْبِ أخبِرْني بأيِّ رُؤىً
تمضي سفينَتُنا، والـموج ُ يَسْتَعِرُ

و كيف أعـزف أحـزاني و أغنيتي
و قد تَكَسَّرَ بعدي العودُ و الوَتَرُ؟

يا فارس الوطن المسلوب طِبْتَ لَنا
و عاد رَمْسُكَ يَحْدوهُ الصَّبا العَطِرُ

أنت الطَّريقُ سَتبقى في دمي أَمـلاً
و في الفُـؤادِ رَحيـلاً هَدَّه السَّفَرُ

أنتَ الطريق إلى الأقصى سنقطَعُها
إن طالت الأرض و الأزمان و العُمُرُ