زَمِّلْني يا دَهْرَ المَوْت - مروة دياب

في حضن الخوف تَدَثَّرُ
بين قلاع الموت الحبلى بالويلات
و أردية الصمت الساديِّ المبتور
كم كنتُ أراقب غيهب أوجاعي
يرتد بصيرًا صمتي حين أفيق لأغفو
في قيعان تبلُّدِنا المجبول
كم كنتَ رقيقًا و صَفِيَّا من نور
يا عنقود الألم الخالص
يا قمرًا لم تحمله سماوات الكون الواله
أسكنتكَ نبضي
فتمَهَّل
أرضيتَ بأن تشتاق إليَّ أفاعي الموت؟
أم حين تذكرتَ مزامير الغارات تسد عيون الشمس
و قلتَ أفضل عزف الشرق بما يحوي
فالشرق الساحر لا يَتَهَدَّلُ في لحظات
فَتَمَهَّل....
السبت الأسود يقتلني
في اللحظة آلاف القتلات
عمق الإنسان الضارب فِيَّ يموت
و أنا أتصفح –بعد سقوط الحق بأضرحتي-
أوراق التوت
أترقب –بالأوجاع- نبوءتها الفيروزيةْ:
إن "الغضب الساطع آت"
يا بيروت..
يا وترًا في عود القهر تذبذب
بين عواصف شكي و يقيني
أنغامك كرباج يستعذب نكأ جراحي
أحتاج الصمت ليحويني
أحتاج الدفءَ
فحين تربيني النكبات
فتقتل فِيَّ براءة عمري
حين تهدهدني راحات الحرمان
فتسحق بالأوجاع نضارة زهري
لأشبَّ كُهولَةَ روحٍ تحت رماح الصمت تموتْ
يا بيروتْ
كان الليل يعاودني حين أتيت أجرجر أشواقي
في شباك الوجع الأسود
كالطير المخدوع برحب فضاء
و أهدهد جرحي لينامَ
فلا يحصي طول الليل و يضنيني
و أقول لعينيه المورقتين ذبولاً أبديًا:
سأبوح لها بفؤادي
حين يزقزق ضوء الفجر على خديها
حين ترفرف أغصان الزيتون
فتبرئ بالأشواك مرارتك العصماءِ
و حين يطل الفجر
سآوي للجبل اللابس سحر الشامِ
لألبس بَرْدِيَّ أبي الهول
وصيةَ جدي كنعان..
كان الليل بعمق الجرحِ
و كنتِ هناك
بعمق الجرح
و كنتُ هناك..
بعمق الدهشة و الإنصاتْ
تتسلل عبر ثغورِكِ فِيَّ
براكينُ الأشواق فتمحوني
يا فاتنةَ الكون العاشق لجنون الموتِ
خذيني من عينيك الضاربتين لحمرة آذار
و انسيني في شاطئ إنساني المسفوح
أرتب أوراق العودة
فالغضب اليائس يا بيروتْ
يرفَضُّ كداء عيونك في أنحائي
لا تذريني وحدي
أصرخ و الزيتونةَ في قوقعة الصمت
و الأرز الهائم
في حضن الخوف ينادي:
شبح "القناصة" فوق عيون الفجر يحاصر عمري
نعيًا مشطورًا كالتاريخ..
أتساقط قارورة عشق أَبَدِيٍّ
يَرْتَدُّ بَصيرًا صمتي:
زَمِّلْني يا دهر الموتْ
زملني يا دهر الموتْ
________
25/1/2007م