أعِرنيَ عينيكَ يا عاذلي - مصطفى صادق الرافعي

أعِرنيَ عينيكَ يا عاذلي
لعلي أرى الحقَّ كالباطلِ

فعيني قد انصبغتْ بالفؤاد
كمثلِ الزجاجةِ والسائلِ

كلانا يراها وهيهاتَ ما
تَوَجَّعَ بالثكلِ كالثاكلِ

ولو كانَ للصيدِ عينُ الذي
يصيدُ لما اغترَّ بالحابلِ

هويت وأطعمتَ جسمي النحول
فَويْلاهُ من شَرَهِ الآكلِ

كأني ثيابي عليَّ الربيع
كسا جانبَي بلدٍ ماحلِ

كأنَّ عيوني بموجِ الدموع
خِضَمٌّ لهُ الجفنُ كالساحلِ

كأني ودمعي في مقلتي
أرى كفني في يدِ الغاسلِ

ليَ اللهُ هل أنا إلا فتىً
أجدُّ ودهريَ كالهازلِ

ومن سادَ في قومهِ الجاهلون
أضرَّتْ بهِ شيمةُ العاقلِ

كأنَّ الزمانَ بقايا دُجىً
أنا فيهِ كالقمرِ الآفلِ

نزلتُ على حكمهِ طاعةً
لوحي على مهجتي نازلِ

ومن كانَ قاضيهِ من يحب
رأى جائرَ الحكمِ كالعادلِ

يعيبونَ فيها نحولي فَلمْ
يُرى النجمُ في الأُفْقِ كالناحلِ

وكيفَ يُعابُ الحسامُ الصقيل
أرقَّتْ شَباهُ يدُ الصاقلِ

مُهَفْهَفَةٌ فكانَ الهوى
يحاربنا بالقنا الذابلِ

وأعجبُ من أملي وصلها
وبعضُ المنى قاتلُ الأملِ

لها مهجتانِ تحبُّ وتسلو
وما تحتَ ضدينِ من طائلِ