ليهنكَ يا بيلُ الجلالُ وعزةٌ - مصطفى لطفي المنفلوطي

ليهنكَ يا بيلُ الجلالُ وعزةٌ
يكادُ لها القلبُ الكسيرُ يطيرُ

ملكتَ على الزهدِ الأُلوفَ وكلُّنا
إلى قَطرةٍ مما ملكتَ فقيرُ

إذا كان هذا الطوقُ كالتَّاج قيمةً
فأنتَ بألقابِ الملوك جديرُ

وما المالُ إلا آيةُ الجاهِ في الوَرى
فحيثُ تراهُ فالمقامُ خطيرُ

ولو كان بين الفضلِ والجاهِ نسبةٌ
لزالت عروشٌ جمّةٌ وقصورُ

فيا بيلُ لا تجزَع فَرُبَّ مُتَوَّجٍ
شبيهُكَ إلا منبرٌ وسريرُ

وما أنت في جهلِ المقادير آيةٌ
فمثلُك بين الناطقين كثيرُ

لئن فاتك النطقُ الفصيحُ كما تَرى
فسهمُك من نُطقِ الفؤادِ وفيرُ

وفيتَ بعهدٍ للصديق وما وَفَى
بعهدِ صديقٍ جرولٌ وجَريرُ

فعش صامِتاً واقنَع بحظِّك واغتبط
فما النطقُ إلا آفةٌ وشرُورُ

ضَلالٌ يرى الإنسانُ فضلاً لنفسه
وساعدُه في المَكرُمَاتِ قصيرُ

وما المرءُ إلا صِدقُه ووفاؤُه
وكلُّ كبيرٍ بعد ذاك صغير

وماذا يفيد المرء حسن بيانه
إذاعي بالنطق الفصيح ضميرُ

مدحتُك يا بيلٌ لأني شاعرٌ
وأنت على حسن الجزاءِ قديرُ

ولو كنتَ تدري ما أقولُ لقمت لي
بما لم يقم للمادحين أميرُ