هذا تأويل رؤياي - عبد الله أبو شميس

مُشيحاً عن الزّمن الرّخوِ، يسألني قلمي:
لأيّةِ عاصفةٍ أنتمي؟
...
يدي زنبقٌ نافرٌ،
وسياج الزّمان على معصمي
تعلّمتُ أكثر ممّا أردتُ
تكلّمتُ أيسر ممّا رأيتُ
وثوب ملاك التّآويلِ
أَضْيَقُ من حُلُمي
...
لِمَنْ سوف أشعل روحي،
ولمّا يزلْ عالقاً عفنُ الجُبّ في بدني؟
وصوتُ الدّراهم، معدودةً،
يطرقُ اللَّيلَ في أُذُنِي:
" لِما لم يُساوَمْ على ثمني؟!"
...
وتلك الّتي أنزلتْ قمراً
كان يسجد في حُلُمي
لتمزّقه في مهبّ اشتهاءاتها،
لتمزّقني
على شهوات القميص، وتنثرني
ورقاً ورقاً
فوق دوّامة العدمِ
...
مشيحاً عن الحلم الصّفو، يسألني قلمي:
لأيّة عاطفة أنتمي؟
...
تدور بي الأرض بيضاء بيضاءَ
في فلك من غبار الكواكبِ،
لا قمرٌ
يحضن الآن ليلِيَ،
لا مطرُ
يلمّع هذا المدارَ المُنارَ
بلا أنجمِ
...
لأمرٍ عن الحبّ يسألني قلمي،
وعقد المحبّة منفرطٌ حَبُّهُ:
سقط الأخضرُ الوجدُ،
فالأحمرُ الشّوقُ،
فالحزنُ أزرقَ كالدّمعِ
في موطئٍ بالرّماديّ مزدحمِ!
...
مشيحاً عن الحبّ والجبّ، يسألني قلمي:
لماذا، إذن، أنتمي؟!
...
أنا سيّد الأرضِ،
عروة هذا الزّمان الزُّؤان أنا،
وأنا الذّهبيّ الأخيرُ
تسير على قدمي الأرضُ!
تطوي إليّ خزائنها
وتجرّ مفاتنها،
وإلى ظلّ عرشي تظلّ تسيرُ
وحولي تدور الكواكب ساجدةً،
وأنا ثابتٌ
حول ذاتي أدور... أدورُ
أنا سيّد الأرضِ
لا شيء يوجعني، فوق عرشي، سوى قمرٍ
بعيد، وعينيْنِ مبيضّتيْنِ من المطرِ!
...
لمن سوف أشعل روحي،
وهذا الظّلام ظلامٌ مطيرُ؟
وأين أسيرُ؟
وعينا أبي تصرخان بكلّ دروبي:
" إنّي عَمِ!"
كيف ألقي على وجهه بقميصي،
وقدّتْهُ أيدي النّساءْ؟
ومن سوف يتلو على مقلتيه الدّعاءْ؟
فمٌ أبكمٌ، أم فمٌ ببّغاءْ؟!
فمٌ
( صاحَ:" يا ملك الخمر، كأسُكَ رأس حبيبي!"
وأومأ للطّير:" كوني نديم صديقي على خشبات الصّليبِ
كلي لحمه في الضّحى
واشربي دمه في المغيبِ" )
ولم يرتبكْ!
أم فمٌ يتلعثم، في كلّ فستقة، برحيق الذّنوبِ؟
...
" أبي،
قام بيني وبينك سورٌ
من الصّمت والكَلِمِ
فلا تصرخ الآن بي؛
فكلانا عَمِ!"
...
مُشيحاً عن الزّمن الرّخوِ،
أبحث عن خنجرٍ يستحقّ دمي!
____________
حزيران 2002