أبي...أين أنت؟ - عبد الله أبو شميس

رهيفاً... رهيفا
أخفَّ من الظّلّ تقطر من كوّة العمر، تدنو
فيغرق في بئر جفنيّ طيركَ، تُرْعِشه قاعُها الفاترهْ
لك الهدبُ- حتّى يخفّ جناحاكَ- وَكْنُ
ويدمع جسمكَ في مقلتي الحاسرهْ
فتعبر، كالعمر بين الدّموع وبيني، لطيفا
...
ذكرتكَ
واللّيل عارٍ على الدّرب، بردانُ يرفو
عباءته، وَهْيَ خرقاء تطفو
بكفّ الهواءْ
...
ألا يستحيل الوجود إلى رَحِمٍ من هباءْ؟
إلى رَحِمٍ من هواء نقيٍّ
نقيٍّ من الصّوتِ. حرفٌ يكسّرني!
...
يكسّرني كالزّجاجة، يصدعني أيّ صدْعِ
ذكرتكَ
واللّيل تهفو عباءته بكَ، والهمس يخدش سمعي
أتسمعني؟
( لا تُجِبْني فصوتك أعلى من الهمسِ
تسمعني أنت، تسمعني!)
...
أحبّكْ
أحبّكَ، ها إنّني
أحبّكْ
أحبّكَ، يا عارياً كالشّعاعِ، ويا جارحا
ويا أفقاً من خشوعٍ يذوبُ
وينحلُّ في شفتي مالحا
...
وأعشق فيكَ ضياعي:
ألملمُ
من فَلَتاتِ الشِّفاهِ،
ومن رعشاتِ التَّخاييلِ،
رَسْمَكْ
أسمّيهِ جسمَكْ!
وأنفخُ فيه بروح الْتِياعي
...
فتهتزُّ عنكَ السّنونَ
تنفّضُ عن حاجبيك الفناءْ
وتسند رأسَكَ للنُّور: يا للسّكونِ العميقِ!
ويورقُ في مقلتيكَ الضّياءْ
فتصحبني في طريقٍ كدرب السّماءِ
حريريّةٍ مثل حُبِّي
تحدّثني كصديقِ
وتدنو
أفضُّ لعينيكَ صُرّةَ قلبي
فتسقط صورتُها- من يديَّ- ورسمُكَ،
أحنو
لألقط صورتَها!... وأقولُ
أقولُ:
أبي، أين أنتَ؟
أبي
أبي...
...
وألمح رسمك يرعش في الأفق الْمُترَبِ
...
وشَدَّ عباءتَهُ اللّيلُ...
وحدي
على الدّربِ عريانُ أَرفو
عباءةَ وجدي
___________
أيّار 2001