مرافي محطمة - فريد عبدالله النمر

عذرا فقد نضُبت أحلام قافيتي
وجفّ حبر من الإبداع يضفيها
ما عاد في نغم الإلهام لحن صدى
يلملم الحرف وقتا كيف يذكيها
ما عاد في ورقي سطر يوادعني
مذ ودّعت أشطري أحداقَ حاكيها
أنا على قلقي وخز يباغتني
يجدوّل الحزن في قلب لماضيها
أنا يعوّقني ليل بذاكرتي
مبعثرا داخلي ما كان يحييها
فجف نهر الهوى بالروح ذات مسا
لا لم يعد هيكلي العظمي يحويها
وضاع بالذات خبز الهمس يحرقه
خنق الشعور على بوح يمنّيها
هرّبت كل غصوني بعد أن ذبلت
لا لم يعد لونها المخضر يبديها
فبددتني كما الأمواج يرهقها
صخرُ الضفاف إذا أحنى نواصيها
كالظل يرصفني التيار في جهتي
يا وجهي الصدفي المنحوت يغريها
قد صبّ بالأرق المفلوق يوجعه
ثغر الشتاء ووشي في مآقيها
يستنطق اللؤلؤ المخبوء في فمها
من أي وجد ترى قد كان يحكيها
مذ غادرت جوقة الإيحاء ومضتها
تاهت بسكر يعبّ الجرح في فيها
وشاح بالعمر وقت كنت أحمله
قلبا من الأنس أضحى مطفئا تيها
ما عاد معتلق التفكير يصنعني
بين الرماد غبارا كان يغويها
تلك المنى غادرت أجراس مرفئها
وخاطها وجع يضنى معانيها
أدركت أن الصدى المنساب طار به
برد الشعور هجيرا في منافيها
أيقنت ما بيننا شوط يجففني
على شواطي الرجا يخفي نواحيها
كالنهر في فمه نار تلوثه
أكذوبة الليل لو أغفت بواديها
أنا على وطري كفر يغابشني
وبالمرايا صراع ظلّ يشقيها
وبين جفني وبين الوخز جسر ضنىً
يخفي مخيلتي لما وشى فيها
فحُكّم القفلُ والتابوت يُلصقني
بآخر الركب إذ مرّت بساقيها
والحبر صوت دمي المخدوع من وجع
غرّ المرايا فضجت في مراثيها
تجفّ في فمها الويلات أين بدت
كسنبلات بنار الخوف نحصيها
وخلف حنجرتي لون تحجر في
صوتي النحيف فأخفى ما يغنّيها
فليس ما بيننا إلا مماحكة
من الكلام تدار في أمانيها
وبين قلبي وبين الوقت لحن شجا
في لثغة أهملت حنّا مآسيها
فرّت على ألم النجوى ثقوبَ جوى
فأرهقت غضبا فوضى مآقيها
وراح يتعبني نزفٌ على وتر
غلّت يداه فصار النزف يؤذيها
عذرا فقد نفقت أسراب ملهمتي
ومات لحن من الأجراس يبديها
واستيقظ الشبح المنسيُّ في خلدي
شوطا يثير غباري كيف أنهيها
فهدّ من حلم الآمال أجملها
وعاث يخرسني صوتا بناديها
أنا يوزعني بؤسي على جلدي
وليس بين رغابي من يسليها
أنا تناوشني الأزرار أين غدت
تبث أحجية الأثواب تكسيها
ووجه أحجيتي لون يغافلني
على البريق الذي يصحو ليشقيها
خذني حمام الهوى سكرا لأمنية
تأرجحت في ضفافي كيف أسقيها
وكان في نهم الربان سر صدى
تحطمت رنة المجداف تبديها
وظل ينقشها التيار وهج سرى
رغم الرياح سفينا كيف يبقيها
تكدست رحلة البحار في يدها
وظل منتبه الأشواق يمحوها
وعدت مندهشا من ظل أخيلتي
أنا السقيم أمن دائي أداويها
تمايل الشعر بعد الآه منتفضا
هل كيف تمشي سفين عكس جاريها
ففك من وتدي المعقود حبل منى
فرفّ مني شراع كان يعليها
تكسرت لغة المرساة وانفلتت
أقصوصة الغيب كيف الغيب يغفيها
واليوم لا سفن تحكي ولا أمل
على الضفاف فأي الحلم يرسيها
تحطم المرفأ المصنوع من ورقي
وتاه في ضجة الأبعاد باقيها