الحقل والأوسمة - فريد عبدالله النمر

أمشيْ ولا عَزْفٌ يُزاحمُنيْ الطريقَ ولا صَدَىْ
كالريحِ أغْزلُ رقصَةَ الصوفِ المُطرّزِ للشِتاءْ
كمعاطِفِ الوَقتِ المُزَرْكَشِ أفرشُ الجُوعَ المُحَدّقِ
حِينها تغْفُو المَعَابرُ كالأمَاسيّ الجريحَةِ في خَياليْ
أمشيْ بلا رمقٍ يُخيْطُ مسَافة المَعْنى التي
ترْمِي بشَهوتِهَا بقَايَا النَزْفِ في القلقِ الرّحيلْ
شَيءٌ على زَمَنِ الحِكايةِ يَسْتَطِيلُ بخَمْسِ شَهْقاَتٍ مِن الغَيْبِ الشّهِيْ
أأمُازحُ المَنْفَى ..إلى أينَ السُرَىْ تَمْضِيْ
وَمِنْ أيّ النَوَافِذِ أُخْرِجُ العِشْقَ المُعَبَأَ بالعَنَاءْ
وَإلى مَتَى أشْقَى بَذَا السُكْرِ المُشَوّهِ في مَوَاعِينِ الصَبَابَةِ
فالوِشَايَةُ أخْفَقَتْ نَقْشَ التَمَاثِيْلِ ..
وَفَوقَ زجَاجَتي غَبَشٌ تَطَايَرَ للبعِيْدِ وآخرٌ مَازالَ مُلتَصِقَا بِوَجْهِ الإنْتِمَاءْ
مِنْ أيْنَ أفْرُغُ قَطْرَةَ الصُبْحِ المُبَدِدِ للغَدَاةِ
وَكَيْفَ ؟ وَالمِيْزَانُ فِي جَسَدِ الزُجَاجَةِ مَائِلٌ حَدّ العُقُوقْ
يَا أمْسَنَا الغَافِي عَلى سِكَكٍ يُبَعْثُر جَوفَهَا..وَجَعَاً يَغُبّ الانْطِلاقْ
مَاذَا أُسَمّيْ الوَقْتَ فِي خَمْرِ السُكَارَىْ وَالمَدَىْ قَدْ سَالَ فِي غَسَقِ الفَرَاغْ
وَمَتَى تُدَوّرُنا مَعَ العَزفِ المَوَاقِيتُ ابْتهَالاً يُفْزِعُ الحُزْنَ المُرَاقَ عَلى الغِنَاءْ
تِلكَ الأمَانيْ.. الرِيْحُ تَفْتضِحُ السَنَابُلَ حِينَ يحَنّطَهَا البَيَاضْ
لا وَرْدَةٌ بينَ النَيَاشِينِ المُطلّةِ بالخَريفِ ولا عَذَابٌ مُثقَلٌ
مَنْ حَيثِ لا عِطرٌ يَلُمّ شَتَاتَهَا وَلا أمَلٌ يَضُمّ نِثَارَ ألوَانِ الرّحِيْق
في صَمْتيَ الوَرَقَيِ أخْفِيْ حِدّةَ الظّلِ الشَقِيْ ...وَأخَافَهُ لَحناً يُمَزّقُ جَوْقَةَ الفُوضَى بِنَا
وَأخَافَهُ يَسْتَلُ مِنّيْ رَاحَةَ العِشْقِ المُخَبَئِ بينَ جِدْرَانِ النَوَايَا كالصَلاَةْ
بَوْحِيْ أَصَابِعُ تُوْرِقُ الوَخْزَ المُحَطّمِ لِذّةَ العِشَاقِ فِي كَفّ المَعَابِرِ مِنْ جَدِيدْ
وَأنَامِلِي كَالضَوءِ حين يُسَاوِمُ الشّرُفَاتِ لحَظتَهَا ليُدِيمَ عِشْقي
ظَمَأٌ هُنا لمْ تُرْوِهِ خَمْرُ السِلالِ وَلا البَيَادِرِ للسَمَاءْ
هُوَ كالكَرَىْ المَنْقُوشِ في مُهَجِ السَنَابُلِ يَسْتَغيثْ
تلكَ الحَدِيقةُ جَفّفَتْ أنْهَارَهَا في شَكْلِ برْوَازٍ جَمَيْلْ
يَا صَاحِبَ الحُبّ الذي قدْ فَرّ مِن سَكَراتِنَا
هَذيْ خُطَاكَ زَنَابقٌ تَتَنفسُ الأرْضَ المَذِيبَةَ
رُوْحَنَا كَاللّازَوَرْدِ تُجيدُ زَرْكَشَةِ المَسَاءْ .