جبل فيفاء - محمد بن علي السنوسي

(متحفٌ) من أشعةٍ وظلالِ
في إطارٍ من نضرةٍ واخضلالِ

سابحٌ في الفضاء يغمرهُ النور
بفيضٍ من السنا والجلالِ

يتحدى الذرى ويخترق السحبَ
ويزهو في عزة واختيالِ

صنعةُ المبدعِ المصورِ جل الله
ربي ربُّ العلى والكمالِ

(جبلٌ) تعشق النجوم مجاليه
وتصبو إلى ذراهُ العوالي

يزحم النيراتِ منكبه الضخم
ويحتكُّ بالسهى والهلالِ

مشرئب إلى السماء برأسٍ
صلفٍ في شموخه متعالِ

أخضرُ السفح أزهرُ السطح مصقولُ
الحواشي زاهي الربى والتلالِ

زراهُ ساكن (الألمب) (أبولو)
رائداً ينشد الجمال المثالي

فإذا (منجمٌ) من الحسن فياضٌ
وكنز من كل حال وغالِ

مسرح الشعر والبيان ومسرى
لمحة الفكر وانطلاق الخيالِ

حيث عاشت أرواحنا وأمانينا
حياةً موصولة بالمعالي

ونعمنا ولا نزال بدنيا
من فتونٍ وعالم من جمالِ

وسكبنا على الوجود غناًء
صافي النبع كوثري الزلالِ

يا لتلك الذرى الموشاة بالزهر
نضيراً وبالثمار حوالِ

ولتلك الربى يرف شذاها
بعبير الصبا ونفح الشمالِ

ولذاك السحاب والماء يجري
من خلال الصخور جرى الصلالِ

والوجوه الصباح والمقل النشوى
بسكر الصبا وسحر الدلالِ

والرياض المنسقات صفوفاً
في علالٍ كأنهن لآلِ

سَحَرٌ كله ، نهاراً وليلاً
يا لأيامه ويا لليالي

عالمٌ من لطافة وبهاء
وهواء من رقة واعتدالِ

ورؤى من مشاهد الفن والحسن
تجلّت في صفحة من جبالِ

دون إدراكها شعافٌ وصخرٌ
خطرُ المرتقى بعيد المنالِ

شاقني ذلك السموّ ولي قلبٌ
وَلوعٌ بكل سامٍ وعالِ

كَلِفٌ بالسموّ أني تجلى
شامخاً في الجبالِ أو في الرجالِ

فتَصَعَّدته ويمّمتُ وجهي
شطره في تقدم ونضالِ

وركبت الصعاب وانتصر (الشوق)
بقلبي على الونى والكلالِ

ذاك دأبي ودأب قومي مدى الدهر
صراع الردى وقهر المجالِ