اليوم الخالد (يوم عرفة) - محمد بن علي السنوسي

في مثل هذا اليوم من كل عامْ
يزدهي الحِجْرُ ويزهو المقامْ

مقام إبراهيم سامي الخطا
وحجر إسماعيل نعم الغلامْ

وتسبح الأرواح رفافة
أطيافها مثل رفيف الحمامْ

وتلتقي الدنيا بأجناسها
في (وحدة) رائعة وانسجامْ

من كل فج أقبلوا حُسّراً
شوقاً إلى البيت العتيق الحرامْ

كالسيل فاضوا وأفاضوا به
وانسكبوا بين الذرا والخيامْ

تستبق الخطو إلى ساحة
مشى (ابنُ عبد الله) فيها وقامْ

حيث اعتلى الهادي سَرَى ناقة
يمد آناً ويشدّ الخطامْ

مُبلغاً عن ربه آية
جاء بها جبريل مسك الختامْ

((اليوم أكملت لكم دينكم))
وتمت النعمة فيكم تمامْ

ذكرى أطافتْ بنفوس الورى
فادّكر الناسي وهب النيامْ

أخلصتِ التوحيد واستلمتْ
لله ربِّ الكون ربِّ الأنامْ

تملأ بالتكبير قلب السما
على اختلاف في اللُّغى والكلامْ

تطوف أو تسعى إلى غاية
واحدة في السعي والاستلامْ

وحدها الإسلام دين الهدى
والحق والإيمان دين السلامْ

تجردت من شائبات الهوى
أرواحها وانطلقت من حطامْ

يغمرها الإيمان في نشوةٍ
روحيةٍ تسمو سموّ الغمامْ

تهيم بالله وتهفو جوى
يا حبذا ذاك الجوى والهيامْ

والأرض نشوى من عبير الشذا
والكون يهفو بأريج الخزامْ

والجو والأنجم رفافة
والقمر الساطع يزهو ابتسامْ

حج كما شاءت نفوس الورى
مبرأ من كل عيبٍ وذامْ

في كل شبر من رحاب الهدى
يرفرف الأمن ويجري النظامْ

والدين والدنيا تحيى العلا
في العبقري الفيصليّ الإمامْ