حسنــاء الريـــف - محمد بن علي السنوسي

يا عيد إن شعشع نور الصباحْ
ورفّ في الأفق عبير الأقاحْ

وزقزق العصفور في أيكةٍ
وشّحها الطلُّ بأزهى وشاحْ

وانطلقت أنفاسُ ريح الصبا
ترشّ بالعطر وجوه البطاحْ

وطافت الأشذاء هيمانةً
على ورودٍ كالخدود الملاحْ

وانتشر الإشعاع زاهي السنا
حلوَ المرائي عبقريَّ المراحْ

فاضممْ شذا الورد وأنفاسَه
ونفحةَ الرند وطيبَ الأقاحْ

وامزِجْ شذاها بجوى خافقٍ
مابين جنبيّ كسير الجناحْ

تحية مني إلى (غادة)
هيفاءَ لفَّاءَ كَعابٍ رداحْ

(ريفية) تهتزُّ أعطافُها
خصوبةً من مَرَحٍ وارتياحْ

ترعرعت بين ظلال الربا
ونسمة الوادي وعزف الرياحْ

في الشمس والظل نمتْ واستوتْ
فهي مثال للجمال الصراحْ

تختال من دلٍّ ومن صبوةٍ
في حسنها النشوان من غير راحْ

رأيتها بين شعاع الضحى
ضحىً وصبحاً يتحدى الصباحْ

والتقتِ العينان في نظرةٍ
وذاب قلبي – يا لقلبي – وماحْ

لا ما رأت عيني على ما رأتْ
من الحسان الرائعات الصِّباحْ

مثلاً لها في حسنها غادة
باح لها الحسن بما لا يُباحْ

عينان ! ما عين المها والظبا
وقامة ! ما البانُ ماذا الرماحْ؟

وسالفاً ماذا التماع السنا
على تجاعيد الغدير القراحْ

وغرة من غير (تسريحة)
تَرَبَّع السحر بها واستراحْ

سوف أظل العمر أشتاقها
وإن تعلّقتُ بما لا يتاحْ

فإنها في مهجتي منيةٌ
وفي فمي لحنٌ وشهدٌ وراحْ