الشعر الحر - محمد بن علي السنوسي

لا العودُ عودي ولا الأوتارُ أوتاري
ولا أغاريدكم من شدوِ أطياري

من أين جئتم بهذا (الطير) ويحكموا ؟!
لا الريشُ ريشي ولا المنقار منقاري

إني أرى في جناحيه وسحنته
سمات (إليوت) لا سيماء (بشارِ)

وصرت أسمع ألفاظاً مقلقلة
طرقَ المسامير في دكان نجارِ

ألبستموني ثياباً لا تشرفني
كأنها فوق جسمي حبلُ قَصَّارِ

سود وحمر وصفر لا انسجام لها
كرسم (بيكاس) يعيي فهمه القاري

ماذا ؟ يقولون تجديدٌ لقد هزلت
وسامَها كل مهذارٍ وثرثارِ

ما الشعر ؟ هل هو ألفاظ مسيَّبة
بلا قيود ردي للمنطق الهاري

الشهر هندسة كبرى تكاد ترى
في النسج واللفظ منه روحَ فرجارِ

والوزن للشعر روحٌ وهي إن فقدت
أضحى جماداً بلا حس كأحجارِ

قصيدة النثر مثل المشي جامدة
والشعر كالرقص في ترنيم قيثارِِ

وربّ حرف صغير الشأن يرفضه
والشعر كالرقص في سيقان أبكارِ

تأبى الحروف التي صيغت نماذجها
من رعشة الروح في أعماق أسرارِ

إن تلتقي معكم في سبك خاطرة
عرجاء تحجل في ميثاء مهيارِِ

لكل فنٍّ أصول يستقلّ بها
شتان ما بين سبَّاك وعمَّارِ

تبينوا بعض ما تبغون وانطلقوا
في الروض ما بين أزهار وأثمارِ

وجنبونا غُثاءً لا جمال له
ولا رواءً ولا يوحي بإكبارِ

إن كان لابد من فن نجدده
فجددوا في مضامين وأفكارِ

وأنطقوا الصخر في ترنيم قافيةٍ
كرعشة الضوء في لمع السنا الساري

حرية الشعر في إشراق فكرته
وفي تساميه عن لغو وأقذارِ

وأن يكون لكم في كل معترك
رأي جهير وعزم غيرُ خوارِ

أما كفى أننا فقراً ومخمصة
نستورد الغرب حتى صبغ أظفارِ

فكيف تبغون أن تستوردوا أدباً
من صنعه نيكل بخساً بدينارِ

والشعر نور ونار والنفوس لها
طبع الفراشات عشق النور والنارِ

ورب ذي قلم أعطى لأمته
ما ليس يعطيه فيها نهرها الجاري