هويــة الإنســـان - محمد بن علي السنوسي

خارتْ قواهُ وخانه جلدُهْ
وانْهارَ من آلامه جسدُهْ

شيخ يجر وراء منكبه
عمراً تكاد خطاه تفتقدُهْ

في مقلتيه وفي ملامحه
صورٌ يخطُّ رسومها نكدُهْ

البؤس مائجةٌ غواربه
في شيبهِ متدفق زبدُهْ

والفقر هائجةٌ عواصفه
في وجهه متربِّدٌ لَبدُهْ

أبصرته يمشي وقد شخصت
عيناه واعتمدت عصاه يدُهْ

تهوي به رجلاه حيث هوت
والدرب يلفظه ويزدردُهْ

في كل زاوية له أمل
يقتاده من محسن يجدُهْ

ممدودةٌ يده متمتمةٌ
شفتاه ما يوحيه معتقدُهْ

يمضي النهار ولم تنل يده
يا للأسى – شيئاً ولا كبدُهْ

حقروه فانتهزوه وابتدعوا
رأياً هدى الإسلام ينتقدُهْ

سألوه في زهوٍ وغطرسةٍ
ماذا هويته؟ وما بلدُهْ ؟!

فأجابهم والدمع يخنقه
عبراته والجوعُ يضطهدُهْ

بشريتي بلدي وكل ثري
في الأرض يغذوني أنا ولدُهْ

وهويتي الإنسان ما خفقت
أحشاؤه وتحركت غددُهْ

وانهار من ألم ومن نصبٍ
فصحا النهى وتحللت عقدُهْ