رماد شهاب - محمد بن علي السنوسي

أعيدي إلى سمعي حديث شبابي
وردي إلى قلبي لذيذَ رغابي

وطوفي بإحساسي على نبعِ صبوة
وفردوسِ حبِّ كالخضم عبابِ

هوى أخضر الآمال ريان بالمنى
رقيق الحواشي من جوىً وعتاب

تدفقَ في نفسي ورفّتْ زهوره
وفاح شذاه في دمي وإهابي

نعمتُ به عهد الصبا والصبا رؤى
كرنةٍ أوتار وعزفِ ربابِ

مضى والصدى باق تلوح طيوفه
كلمع المعاني في سطور كتابِ

أعيدي فدتك النفس ذكرى صبابةٍ
وأحلامِ وجدٍ كالرحيق عِذابِ

وقولي فإن النفس عطشى إلى فمٍ
يحدثني عن سحرها وعذابي

عن السهد في ليلي عن النار في دمي
عن البدر يحصي جيئتي وذهابي

عن الوعد لم يصدق عن السعد لم يرق
عن الكأس لم تطفح بغير سرابِ

عن الشوق ظمآناً عن الهجر ناعماً
عن الليل جهماً والنجوم كَوَابِ

عن الدلّ رياناً عن السحر فاتناً
عن اللفظ حلواً واللحاظ سوابِ

رؤى كان من عهدي عليها ومن يدي
مواثيق أيام مضت كسحابِ

طواها الأسى واليأس حتى كأنها
بقايا حطام من رماد شهابِ

فمالك يا نفسي تعيدين ذكرها
وتورين من جمر الحنين خوابي