خواطر لاجئ - محمد بن علي السنوسي

لي فيك يا عيد ما للسيل في الوادي
أسى يفجر أغواري وأنجادي

تنداح ملء فؤادي من غواربه
سحائب ذات إبراق وإرعاد

وأنت يا عيد لا تشفي لظى ألم
ولا تبل الصدى من غلة الصادي

أسرى وأمعن في المسرى ولا قبس
يلوح في جوك الداجي ولا هاد

وأركب القمم الكأداء معتسفاً
وأعبر الصعب لا يحدو به الحادي

حيران في عالم حيران ليس له
وجه وضيء المحيا أو فمٌ شادِ

مشرد من حمى قومي بلا وطن
آوى إليه ولا بيت ولا نادِ

في خيمة في العراء المرت قائمة
أَضُمُّ في ظلها أهلي وأولادي

أجتر فيها الأماني وهي كاذبة
وأمضغ البؤس في مائي وفي زادي

صادٍ وبين يديّ النبع مندفقٌ
ينساب ما بين آكام وأطواد

تشابهت فيك أيامي وملء يدي
عشرون عاماً أساها رائح غادِ

وأنت يا عيد ماذا أنت غير لظى
ما بين جنبي وشوك ملء أبرادي

أمسي وأصبح لا ليلي بذي قمر
أرنو إليه ولا يومي برعادِ

تهيج لي فيك ذكرى يستطير لها
قلبي وتهتز أحشائي وأعضادي

أيام أستقبل الأعياد في بلدي
أرض النبيين من قومي وأجدادي

في (القدس) والقدس مهوى كل جانحة
مني ومجلى أحاسيسي وأمجادي

ميلاد (عيسى) ومسرى (أحمد) وهدى
(موسى) ومجمع خطابي ومقدادي

ثرى تود الذراري أنها قمم
فيه وترجو الثريا أنها وادي

أضحى لنسل الأفاعي مجحراً وغدا
مباءة لصهايين وأوغاد

يأبي الإله ويأبى كل معتصم
بالله من كل ركاع وسجادِ

غداً يقود الهدى قومي لغايتهم
وتشرق الشمس من خلف الدجى البادي

وتستعيد الروابي الخضر خافقة
أعلا منا بين أعراس وأعياد