وحشة قلب - محمد بن علي السنوسي

عالمٌ صاخبٌ ودنيا عنيفةْ
إن (ماكينة) الحياة مخيفةْ

كهربتنا سلوكها بسلوكٍ
أفنتِ الروح والمعاني اللطيفةْ

كل شيء فيها تعقّد حتى الأكل
والشربُ والتحايا الخفيفةْ

لهفةٌ تسحق السكينة سحقاً
يفقد المرء نفسه وأليفهْ

يبهر النفس عدْوها في سباقٍ
لفحُ أنفاسِه كلفحِ القذيفةْ

وازدحام أنّى ذهبت وضوضاء
كأن الحياة صمَّا كفيفةْ

ولهاث يتشف أندى الأحاسيس
وأحلى المشاعر الموصوفةْ

قرّبتنا وباعدتنا نفوساً
وجسوماً قويةً وضعيفهْ

ليس في طبعها الهدوء ولا الرفق
ولا رقة الشعور الشفيفةْ

باطنٌ كالقتاد أخشن ما تلقاه
شوكاً وظاهر كالقطيفةْ

فلماذا هذا اللهاث وهذا العدوُ
والجري والنهايات (جيفةْ) ؟!

(ومرادُ النفوس أهون) والدنيا
من الهون (جرعة ورغيفةْ)

ليت أني أعيش خارج نفسي
فلقد ضقت بالحياة اللهيفةْ

كلما رمت أن أعود إلى النبع
أناجي ظلاله وحفيفةْ

جرفتني أمواجها في طريق
غير مألوفة ولا معروفةْ

ورماني عبابها في خضم
ظلمات العناء فيه كثيفةْ

يا لقلبي من وحشة مزقت قلبي
وهدت أنفاسه ورفيفةْ

أنا وحدي أعيش أم أنا في دنيا
من الناس حلوة ولطيفةْ

حرتُ يا نفس فيك فالتمسي درباً
وعيشي أحلامك الفيلسوفةْ

تعست من حضارة ما لها قلب
ولا للسلام فيها وظيفةْ