تعبتُ من الحبِّ حتى استراح.. - محمد عريقات

كريشةٍ أيقظها النسيمُ من النومِ/
تجيءُ الخيالاتُ.. على مهلِها،
مشاكِسِةٌ هذه الريحُ
حينَ لا تقوى على حملِ الحديقةِ
تأتي برائِحةٍ تشبهُ الألوانَ..
قلبي مصابٌ بشيخوخَةٍ رَخوَةِ
البَطشِ..
نافِرُ العُروقِ يضخُّ المللَ،
هامِدٌ على أريكَةِ الجِنسِ تِلك.
يَدُعُّني عطرُكِ..
وشمُ نهديكِ المسترسِلِ للريحِ
إلى فروِها الأرقَطِ،
وحشيّةُ النِّبرِ هذه الأريكةُ
صَريرُها -حينَ يملأها اللحمُ- غَنَجٌ..
وأسمَعُ زريابَ في صوتكِ عندما
تحتويكِ ويعوي الشمعَدانُ
بضوءٍ وظلٍّ.
أحبُّكِ..
إنما الأرضُ نصفُ الطريقِ
إليكِ.
لو تملَّكني الطيشُ كنتُ سأجتازُ
قبري وأكمِلُ..
كنتِ ستمشينَ سكرانة بالقصيدةِ
قبلَ هذا اليباسِ الذي طحَنَ
العشب..
قبلَ أن يصبحَ القلبُ
مثلَ حذاءِ الفقيرِ..
فلو جئتني قبلَ امرأتينِ
قبلَ قصيدتينِ وجرحٍ
لكانَ بإمكانكِ كنسُ ريشِ
الغراب.
مفلسٌ..
وغنيٌّ بالكوابيسِ مثلَ الوسادةِ.
كلما اقتربَ الجذعُ من اللهِ
جندلتني ساعةُ الزهوِ مثلَ كوزِ
الصنوبرِ بينَ أقدامهِ..
بكائيّةٌ كلُّ هذه القصائِد
أكتُبُها غزلاً في نِصالِ
الحياة.
ومن أقصى الخسارَةِ أسمعُ
صوتي:
- تعبتُ من الحبِّ حتى
استراحَ،
وملَّ بأسمائِهِ الألف منّي..
فأيُّ غيابٍ يعلمني الصبرَ؟
وأيُّ لقاءٍ يجنحني الطيرَ؟
قولي لذاكرتي أن تنامَ
طويلٌ هوَ الوقتُ في ساعتي
وقصيرٌ نشيدي..
هباءً تذوبُ النظرات
في دمي..
هباءً يتملقُ قلبي نبضَ
الفراشاتِ
أبحثُ عن فرحٍ في سراويلهنَّ
أضمِّدُ في الجماعِ نزيفَ
خِتاني.
والريحُ..
تلكَ التي تغادِرُ أبواقها
لا تجيءُ بغيرِ الدموعِ..
وتذهبُ بالملحِ مقروحَة الجفنِ
لا تسيّرُها المشيئةُ أو تُخيِّرُها،
مثلَ موجٍ حرونٍ هُوَ الحُبُّ
ينخُرُ الروحَ بأظفارهِ
الناعمة.
لقد كانَ بالقلبِ حُبَّانِ واقتتلا
في القصيدةِ..
وانتهى الكرنَفالُ بموتي.
دَعكِ من الحنين،
واتركيني أصومُ عنِ الحبّ،
إن نبضيَ يقطعُ زرَّ القميصِ..
فماذا بوسعِكِ غيرَ التمني..
وماذا بوسعي غيرَ هذي الكأسُ
أدهَقها..
وقد أصيحُ بكِ ذات وهمٍ:
- هبيني غلامًا..
فليسَ الذي بيننا غير
خطِّ النجاشي..
قد تبددهُ الريحُ، فالريحُ
حينَ لا تقوى حلى حملِ الحديقةِ
تأتي برائِحةٍ تشبهُ الألوانَ.
من كوّةٍ، كل هذا الخواء..
متخمٌ بما هوَ طارئٌ
فارغٌ مما أراهُ مجديًا ومتينًا
أحلامي بسيطةٌ كالأشياءِ
التي تُباعُ على الأرصِفة.
مشرعٌ أستسلِمُ للريحِ المجدولة/
مهترئٌ في المهبِّ
تتبعني الوحشة..
تدخلُ من كوّةٍ أسقطت حشوها
الريحُ
تحملُ أصواتًا شبيهةً
بكونٍ ينتحبْ.
من فضةِ البردِ
آوي بذاكرتي إلى الفروِ
مثلَ قطٍ حليقٍ
أحفِرُ في التيهِ أسطورةً..
كلما أدركتني الحقيقةُ
أسرعتُ
علّني أهتدي لمزيدٍ من
الوهمِ،
فالقناعةُ تفنى
والعقلُ كالإليتين سيدركهُ
شَرَهُ الدودِ.
والحياةُ تُخرجُ من كيسها
الموت حينَ تسأمُ الأرضُ
من جِلدِها / من رحابةِ
عتمةٍ بيضاءَ تدعى
الضوءْ.
أشتعِلُ كزيتونةٍ،
وكحجرٍ لم يكن نجمة بالأمسِ
أطفأُ..
ينخُرُ الخوفُ طمأنينتي
ينقُشُ أطياف أشباحٍ
ويعبُدُها..
طمأنينتي معبَدٌ للمخاوِفِ
نظرتي شهقةٌ في السحيقِ
كما كُرَةِ الثلجِ تنتهي
جبلاً وخيبة.
ومن بينِ هذا الركام،
أجهَشُ بالضحكِ
بدمعةٍ مجنونةٍ تهيلُ على القلبِ
وأسألُ الفرح:
لماذا تركتَ حذاءكَ في زاويةٍ
قريبةٍ من قدميّ؟.