الرَّمادُ يشتعل - محمود بن سعود الحليبي

رأيتُكِ صُدفةْ !!
كجرحٍ عتيقٍ تذكّرتُ قصتَهُ فاشتعلْ !
وكنتُ حدسْتُ انطفاءَ اشتعاليَ ..
فورَ انسحابكِ
لكنَّ جرحيَ زادَ اشتعالاً !!
فأدركتُ أنَّكِ بركانُ عشقٍ يحمحمُ فيَّ !
وجرحٌ تخبَّأ .. لا .. ما اندملْ !!
رأيتكِ صدفةْ !
كرَشَّةِ ماءٍ
أفقتُ بها من سُباتٍ عميقٍ عميقٍ ..
لذيذٍ .. سلوتُ به ذكرياتٍ حزينةْ
وحُلْمًا دَمِيمًا
يراودني حقبةً منْ زمانٍ
وكنتُ أظنّ انعتاقيَ منهُ ..
سيبقى طويلاً
وجئتِ فعادَ !
فأدركتُ أنَّ الرؤى لا تموتُ !
ولكنْ تغيبُ ..
لتَرْجِعَ شيئًا تراهُ المُقَلْ !!
رأيتكِ صُدفةْ !
كنفخةِ صُورٍ
بعثتِ دفينيَ هيكلَ رُعْبٍ
ترنَّحَ بين يديَّ هزيلاً ..
يناشدني لقمةً من ثَوانٍ
ليرجِعَ أخرى !
يخالجُ روحي !!
وكنتُ أظنُّ الرُّفاتَ تلاشى ؛
فأدركتُ أنَّ قبورَ الجراحِ كَكُلِّ القبورِ ..
ستلفظُ يومًا مَدافينَها !
وتسقطُ فيها بقَايا الأَمَلْ !!
رأيتكِ صُدفةْ !
وليتكِ ما جئتِ ،
مِتِّ وذُبتِ ..تحلّلتِ ؛ كيْ لا أراكِ !!
حنانَكِ ! ما عادَ فيَّ احتمالٌ
ولا الدربُ كالأمسِ يُرضي غروريَ ..
يُوري زناديَ ..
كلاَّ .. كبرتُ !
أجلْ .. قَدْ كبرتُ !!
وشاختْ قُوايَ
وحينَ تشيخُ القُوى تنحني ..
عزيمةُ ليثٍ !
ويذْوي مع الشمسِ صبرُ الجَمَلْ !!