على مرفأ الأحزان - محمود بن سعود الحليبي

سَمِعَتْني أردد أبياتاً لقصيدةٍ شجيَّة لم تكتملْ بعد :
فقالتْ : أنتَ لا تعرفُ غير الحزن في شعرك !! فكتبتُ :
: (( أنت لا تعرفُ غيرَ الحزنِ دربا ! ))
ومضتْ تنهبُ إحساسيَ نهبا
رَمَتِ الشوكَ بقلبي
وتهادتْ تزرعُ المعبرَ عُشْبا
قلتُ : مهلاً .. لفتةً منكِ امنحيني
اسمعيني ربما أقصرتِ عتْبا
ربما استعذبتِ حرفي
ووجدتِ المُرَّ في شعريَ عذبا
ربما هزَّكِ نبضي يضربُ الأعماقَ ضربا
ربما شَفّكِ جُرحي وأنيني
فتحننتِ لأنِّي ،
ووهبتِ الجرحَ طِبّا
ربما راقكِ شجوي وحنيني
فتصافحتِ وقلبي ، وأحلتِ البعدَ قربا
***
لفتتْ نحويَ وجهًا مشمسَ الألحاظِ غضبى
وأشاحتْ عن صدى قلبيَ قلبا
قلتُ : كلا
أنا لا أحفر حَفْرا
أنا لا أنحتُ حرفي في صخورٍ تتأبَّى
أنا نبعٌ من حنانٍ يملأُ البيدرَ حُبّا
إنَّ ما أهديكِ عطري
أنا لا أسكبُ عطري في أنوف الناس قسرا
أنا قيثارةُ حسٍّ تعزفُ الإحساسَ عزفا
أنا رحَّالٌ رمتني موجتي في كلِّ مرفا
ورجعتُ اليومَ أبني تحت أهدابكِ قصرا
هدئيها
هدئي عينيكِ لُطْفا !!
أنا لا أقرأ شتما
كي تحيلي الرمشَ سهما
إنني أغزلُ حرفا
إنني أنسجُ في الأوراقِ حُلْما
إنني أنفثُ سِحْرا
هدئيها
إنني أقرأ شعرًا
صدقيني .. إنني أقرأ شعرا !!
***
دحرجتْ نحويَ نظره
أوقدتْ في القلبِ جمره
ثم قالت مشمخرَّه :
(( أنت لا تعرفُ غير الحزن دربا ))
قلتُ : قولي ألفَ مرَّه
كرريها ألفَ كرَّه
إنني أعشق حزنًا في فؤادي قد تربى
فإذا نُسِّيتُ يومًا ذكر حزني
ذكِّريني كيف شئتِ
إنني أعشق ذِكْرَهْ
فاسكبي ذكراهُ في أُذنيَّ سكبا
ما ألذَّ الحزنَ عندي
وصرختِ :
ويلَ قلبي !
ألِكَفِّ الحزنِ قد أسلمتَ عشقَكْ ؟
قلتُ : مُكْرَه
واختنقتُ
أفلتتْ من قيدِ صبري بعضُ دمعه !!
وانتفضتِ :
(( ألغيري تسكب الدمعة حبّا ؟!
ألغيري وأمامي تُشْهِدُ الرحمن حُبَّكْ ؟! ))
قلتُ : ويحي ! كلماتُ الحقِّ مُرَّه
أسمعتِ ؟
فبكيتِ
أشعلتْ دمعتُكِ الحُرَّةُ في صدريَ شمعه
فضحتْ سِرِّي المُخَبّا
أُمَّتِي حُزني ، وعشقي هو أنتِ
كيف لا أعرفُ غير الحزنِ دربا ؟؟!!