النهار لا يموت !! - محمود بن سعود الحليبي

إلى التي سألتني : هل يموت النهار ؟ أم إلى أن يرحل ؟!!
يَنَامُ النَّهَارُ عَلَى عَتَبَاتِ المَدِينَةِ ..
كَيْمَا تَنَامِينَ أَنْتِ هُنَا .. حُلْوَتِي !
كَقَطْرِةِ طَلٍّ تَكَثَّفَ كُلُّ نَقَاءِ الأُنُوثَةِ فِيهَا ؛
لِتَرْقُدَ حُلْمًا شَفِيفًا
عَلَى فِكْرةٍ مِنْ رُؤَى وَرْدَةِ !
وَيَرْجِعُ فِي الصُّبْحِ يَزْحَفُ شَيْئًا فَشَيْئًا ؛
لِيُوقِظَ عَيْنَ المَدِينَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا عَلَى وَتَرٍ مِنْ سَنَاءْ
تُغَرِّدُهُ قُبَّرَاتُ الضِّيَاءْ
كَأَعْيُنِكُنَّ إِذَا مَا اسْتَحَلْنَ مَسَارِحَ
لِلْحُبِّ وَالدَّهْشَةِ ..
وَشَيْءٍ مِنَ الدَّلِّ .. لاَ .. وَالحَيَاءْ
وَقَالُوا : بِأَنَّ اللَّيَالِيَ .. بَعْضَ اللَّيَالِي تَطُولْ
وَأَنَّ كَثِيرًا مِنَ اللَّيْلِ عَاقِرْ
وَأَنَّ النَّهَارَ يَمُوتُ كَكُلِّ الخَلاَئِقِ ..
كَلاَّ .. مُحَالٌ ؛
وَلكِنَّ أُنْسَ اللَّيَالِي يَزُولْ
وَبعْضَ النَّهَارَاتِ بِالْيَأْسِ تَذْبُلُ
تَمْنَحُ أَوْرَاقَهَا لِلْخَرِيفِ
وَرُغْمَ الزَّمَانِ الجَمِيلِ العَقِيمِ
نُفَاجَأُ يَوْمًا بِ (( يَحْيَى )) !
بِفَجْرٍ وَلَيدٍ
يُنَاغِيهِ حُلْمٌ
وَتُرْضِعُهُ الشَّمْسُ نُسْغَ الحَيَاةِ ..
وَتُهْدِيهِ عُصْفُورَةٌ بَوْحَهَا ؛
(( لِيْحْيَى )) نَديًّا ،
وَيَكْبُرَ فِيهِ نَهَارٌ جَدِيدْ !!
يَمُوتُ النَّهَارُ ؟! ..
النَّهَارُ يَمُوتْ ؛
إِذَا سَمَلَ اللَّيْلُ عَيْنَ الحَقِيقَةِ ، وَالصَّمْتُ سَادَ ،
وَشَادَتْ بُيُوتًا عَلَى كُلِّ ثَغْرٍ لَهَا العَنْكَبُوتْ !!
يَمُوتُ النَّهَارُ :
إِذَا الحَقُّ مَاتَ
إِذَا العِزُّ مَاتَ
إِذَا الحُبُّ مَاتَ
إِذَا البَوْحُ مَاتَ
وَعَاشَ الطُّغَاةُ ، وَعَاشَ الذَّلِيلُ
وَعَاشَ البَغِيضُ ، وَعَاشَ السُّكُوتْ !!
وَإِلاَّ فَإِنَّ النَّهَارَ سَيَحْيَى
وَنَحْنُ الَّذِينَ نَمُوتُ .. نَمُوتْ !!