هذى ساقية شعرٍ قد جفَّ - مصطفى سند

وحين سمعت الصارخ باسمي
قمت دلفت لأبحث عني.
كان هنالك شىء يسقط
كانت أمى
الأرض المهتزة تبكى
كيف تهدل منى وجعى
كيف سأبقى نقشا فى صدر الألواح..
كان البدر القاسى يأمل أن يتخفى
تحت غصون الوجه الأصبح من كل صباح..
كانت كفاه كما الأغصان
المنسوجة
من عصب الخضرة
تصعد..تنزل..تصعد..
لا أحزان بغير الموت ولا أفراح..
كانت رابعة الشمس هنالك فى العينين المشرقتين
كدهليز أخضر
من سيرة كل الأجداد..
سالت نحوى
سرا..سرا..كانت تتفتح حين تذوب
وتنفث عطرا
ليس يراه سوى الإخلاص لتوق هداى..
وعيون الثقة الكبرى
فى أنى عز وحدى
مسطور فى سفر الأمجاد..
من أول هذا الفتح
الى آخر عرق فيه
ومن فوضاه الى فوضاى..
أتمدد أو أتداخل فى بعضى
طيرا يقبض..يمسك..ثم يفيض
ويرحل فى الآفاق بغير كلام..غير جواب..غير سؤال..
هل سأراه كما يتشكل..؟
كان يصوغ البحر ويمحو إلا إسمى
حين عبرت لهوت
وحين لهوت صعدت
لاى باب ليس يراه شقى الحال..
ما أصفى هذا النبع الصادر من تقفبة النص الإنسانى
ومن إرنان لا تتألق فيه جسور الحس
ولا تتفتح غير شجون من أقوال..
***
عذبنى حسى
لا .. عذبنى أنى أفتح نافذة من دفْ الماضى
لأسير بها نحو القادم فى المجهول..
أتوكأ ظلا من دنيا أغرب ما فيها
أن البصر الخائف يتحنى فى خدر امراة
من حرف مصقول...
ويعود حسيرا لا يتوهج إلا
حين يساق الى ظمأ أروى..
أو يغرق فى حمأ مسنون..
هذى ساقية من شعر جف
ومن يأس مثل الليل
ومن نار وشجون..
ميلاد أكبر من وجع الدنيا
وجنون أكبر من كل جنون..
شهقات..فيها مطر..فيها شجر
فيها نخل ظل يهاجر كل صباح
بين الطلع الأول والعرجون..
أشهيد قلت؟
أم الأشواق دعتك فصرت قميصا للعشاق؟
البحر يعيد الزرقة للأنهار المنتكسات
وأنت تصب الزيت البارد
فى الكلمات المنطفئات على الأوراق..
والأرض .. الأم.. تفتش فيك عن الماضى
عن ذاك اليوم الأول
حين عبرت وما أصغيت..
هل أنت كمال محض؟
أم أنك نقص محض؟
أم أن كمالك أن تتناقص ،
أن تتآكل
أن تبقى قنديلا فى عتمات الدنيا
تبحث عن قطرة زيت..
الشعر نهار يسطع فيك
وثمة أحزان تتألق..
لكن أين العمر؟
وكل عناصر هذى الدنيا غنت لأشواق الكبرى
أو غنيت للإنسان
فهل غنيت..؟