حذرتني - معز عمر بخيت

حذرتني
رغم أن الدهشة الأولى
بعينيها احتوتني
دثرتني
بالصباح و بالسماح الزهو
بالصحو الأمل
قدمتني
للعيون البحر موجا ً
علمتني
لهفة الإحساس شوقاً
جارفا ً لا يحتمل
أشعلتني
فجرتني
وزعتني في دروب الليل حلماً
شتتتني فوق أعراش الأزل
حسناء يا قمر الربوع
بوجهك البدر اكتمل
و بوجنتيك الفجر أشرق
و الضحى
في ثغرك المنثور وردا ً قد أطل
لو كان للزمن المسافر
في حضورك تاج كسرى
أو عرش بلقيس المهيب
و بعض ذكرى
أو سحر خديك الذين تحديا
ضرب الحقيقة و المثل
لاستوقف الأيام
أهداك المقام عوالما ً
تمتد من فوق العُلا
و تمر بالأمم الأُلى َ
ترنو لعرشك لا تصل
لو كان للإعجاز قدرك
لاحتفل
لو كان لليل ازدهاؤك
أو صفاؤك
أو ضياؤك
أو ضفائرك الرقيقة و الخصل
لانساب من بين النجوم محلقا ً
في كل ناصية و تل
لو كان للقمر المزيّن بالكواكب
بعض حسنك لاشتعل
لو كان للظبي الوديع و للمها
مقلا ً كعينيك الجميلة
لابتهل
لله صلّى
ثم أومأ في خجل
حسناء يا وهج الحروف
و نشوة النصر المسافر
في الدفوف
و في القطوف
و في الشرايين
الدماء
و في الخلايا
و المقل
فاض الزمان بسندسيك
و مارد الهم ارتحل
و البحر صفق
و انحنت
في عمقه الجزر البعيدة
و انثنت
و الحزن هاجر و الملل
حسناء بعدك لم يعد
للحسن حسن
أو للطبيعة مستهل
حسن الختام دعاء قلبي
و التُقى
و البرق في عينيك نور
فوق صدر الملتقى
با أجمل الأزهار
يا وهج الديار
و همسة
في سندس العشق المطر
يا نفحة
و الريح تعصف بالشجر
و تداعب الزمن الصبور
يا لوحة
تهب المحبة و الحبور
حسناء يا ألق الصبا
يا مرقد الفجر الوقور
هذى مباهجك الأنيقة
و المحاسن و العطور
تلتف من حولي
حريرا ً ناعماً
و هوى ً نقياً
و ارتياحاً دافئاً
و سحابة حُبلى َ
و نورا ً فوق نور
هذي عوالمك الندية
لم تزل فوقي تدور
هذا الجمال العذب
يهمس بالرؤى
بالطيب ينضح بالسرور
في لحظة صمت الغروب
و مر طيفك بالعصور
حمل المودة في محافله ازدهاء ً
هل ّ بالخير الشكور
صعب أفارق ما ابتدأت جواره
بالحلم
أو صحو الحضور
يا خير من عرف الهوى
احذر من الصمت الغيور
و اهجر نجيمات النوى
و الغي مواقيت العبور
فالعشق فيض المُنتهى َ
ما صد عنك و ما نهى َ
و القلب في فلك السُهى َ
ما زال ينضح بالشعور.