بركان المشاعر - نواف بن حسن الحارثي

لَقِيتُ المَوتَ دَهْراً والحُتُوفَا
وَصَاوَلْتُ النَّوائِبَ والصُّرُوفَا

إِذَا مَاخُضْتُ في المَيْدَانِ حَرْباً
أَصُدُّ البَأْسَ أَقْتَحِمُ الصُّفُوفَا

وَدِرْعي في الوَغَى قَلْبٌ جَسُورٌ
فَمَا أَخْشَى الخَنَاجِرَ والسُّيُوفَا

فَذَاكَ الحَارِثُ الصِّمْصَامُ جَدِّي
تَجَلَّى في الوَرَى جَبَلاً مُنِيفَا

كُؤُوسُ المَوتِ في مَاضٍ تَوَلَّى
نُجَرِّعُها هَوَازِنَ أوْ ثَقِيفَا

تَرَى الثَّارَاتِ تَعْصِفُ كُلَّ حَيٍّ
وَنَقْعَ الخَيلِ في الهَيجا كَثِيفَا

تَعِيثُ الأُسْدُ في الآرَاِم بَطْشاً
وَشَرْعُ الغَابِ لايَحْمِي الضَّعِيفَا

أَتَى الإِسْلامُ آخى بَيْنَ قَومِي
فَبَاتَ الوَحْشُ في البَيْدَا أَلِيفَا

رِيَاحُ الحَقِّ هَزَّتْ عَرْشَ كِسْرَى
وَحَطَّمَتِ النَّوَافِذَ وَ السُّقُوفَا

مَلأْنَا الأَرْضَ عَدْلاً بَعْدَ جَوْرٍ
عَنِ التَّوْحِيدِ لانَرْضَى عُزُوفَا

فَدَانَ الفُرْسُ والرُّومَانُ حَتَّى
غَدَى الإِسْلامُ في الدُّنْيَا مَخُوفَا

****

وَمِنْ تَرَفٍ رَحَى الأَيَّامِ دَارَتْ
فَجَدَّدَتِ المَهَالِكَ والجُنُوفَا

عَزِيزُ القَومِ مِنْهَا ذَاقَ ذُلاًّ
وَعَزَّ ذَلِيلُهُمْ فَبَدى شَرِيفَا

إِذَا اللَّيْثُ الهَصُورُ هَوَى جَرِيحاً
تَرى الغِرْبَانَ في طَمَعٍ لَفِيفَا

طُلَيْطِلَةُ المَعَارِفِ كَيفَ صَارَتْ.!
أَضَعْنَا بَعْدَهَا القُدْسَ الشَّرِيفَا

وَهَذِي دَوْلَةُ الإِسْلامِ ذَاقَتْ
مِنَ التَّعْذِيبِ وَالبَلْوَى صُنُوفَا

رَبِيعُ المَجْدِ عَاجَلَهُ ذُبُولٌ
فَأَضْحَى بَعْدَ إِزْهَارٍ خَرِيفَا

نَعَانَا اللَّيلُ مُكْتَسِياً سَوَاداً
وَعَيْنُ الشَّمْسِ تَلْتَحِفُ الكُسُوفَا

مَتَى قُطِعَتْ حِبَالُ اللهِ فِينَا
تَفَرَّقْنَا وَإِنْ كُنَّا أُلُوفَا

****

إِذَا مَا القَهْرُ كَبَّلَني بِيَأْسٍ
وَأَبْقَانِي المُعَذَّبَ والأَسِيفَا:

ذَكَرْتُ ابْنَ الوَلِيدِ وَجَيْشَ سَعْدٍ
فَبِتُّ لِذَلِكَ المَاضي شَغُوفَا

وَفُجِّرَتِ المَشَاعِرُ في فُؤَادي
فَكَانَ الشَّوقُ بُرْكَاناً عَنِيفَا

صُهَارَتُهُ تَضُجُّ بِهَا المَآقِي
فَتَذْرِفُهَا العُيُونُ دَمَاً نَزِيفَا

لَئِنْ عُدْنَا إِلى الرَّحْمَنِ يَومَاً
نُقِيمُ الشَّرْعَ والدِّينَ الحَنِيفَا:

سَنُكْسَى في البَرَايَا ثَوبَ عِزٍّ
ويَبْقَى النَّصْرُ للأَتْقَى حَلِيفَا

مَتَى.! نَلْقَى اليَهُودَ بِلا قُيُودٍ
طَحَنَّاهُمْ وَجَدَّعْنَا الأُنُوفَا

****

عَذِيرِي في زَمَانِ الذُّلِّ أَنِّي
نَصَرْتُ الحَقَّ أَنْطَقْتُ الحُرُوفَا