يفدي كرام الحمى منكم كرائمه - ابن نباتة المصري

يفدي كرام الحمى منكم كرائمه
ويعبق الروض إن ولّت كمائمه

با آل تغلب لا يغلب تصبركم
صرف الزمان ولا تزهب عظائمه

ليس النفائس مما تأسفون بها
ولا التثبت منقوض عزائمه

ولا تلوم ولو فاضت جفونكم
على المصاب الذي انقضت حوائمه

فأكرم الدمع ما سحت بوادره
من الوفاء وما انهلت سواجمه

إناالى الله من رزء براحلة ٍ
بكى لها الحرم الأقصى وقادمه

وبئر زمزم قد هاجت مدامعها
وبيت وائل قد ماجت دعائمه

إن لم تزاحم بأولاها لها نسيباً
فقد غدت بمساعيها تزاحمه

قريبة كل عن أوصاف رتبتها
سجع الفتى وهو منشي القول ناظمه

و أوحشت صدر محراب بفقد حلاً
كأنها دمعة مما تلازمه

ما خص مأتم أهليها بل اتفقت
في كل بابٍ من التقوى مآتمه

فلو بكت سور القرآن من أسف
لانهلّ جفن النسا مما تكاتمه

و لو أطافت بنات النعش لا بتدرت
تنافس النعش فيها أو تساهمه

و لو درى القبر من وافاه لاحتفرت
من السرور بلا كفّ معالمه

إن يغد روضاً فقد ارسى بجانبه
غيث الدموع وقد جادت غمائمه

و هب من طي مثواه نسيم ثناً
يودّ نشر الغوالي لو يقاسمه

وزيد في الحور ذي حجب ممنعة
يمسي ورضوان في الجنات خادمه

مضى لأخصب من أوطانه وقضى
فما على الدمع لو كفت سوائمه

هو الحمام الذي خففت قدرته
فكيف تنكر أمراً أنت عالمه

لايفتأ الليل أن ترمى كواكبه
نبلاً ولا الصبح أن تنضى صوارمه

بينا الفتى رافع الآمال خافضها
اذ انتحى من صروف الدهر حازمه

ان يمس ربعك قد راعت نواعيه
فطالما صدحت أنساً حمائمه

و ان يكن بيت صبري قد ألم به
عديّ دهرٍ فقد سلاه حاتمه

لا تجزعن أبا العباس من خطرٍ
عداك فالوقت باكي الفكر باسمه

و ذاهب بات طرف الخير ذا سهر
عليه وهو قرير الطرف نائمه

ما ضره في مطاوي الأرض منزلة
وأنت دافنه والله راحمه