ربع لعزة صامتٌ لا يفهم - ابن نباتة المصري

ربع لعزة صامتٌ لا يفهم
وقلوبنا في رسمه تتكلم

لو لم تعف حماه غرّ سحائب
تهمى لعفته مدامع تسجم

وعلى البكى فلقد يروق كأنما
قطع الغمام عليه برد معلم

ما أنس كم ليل عليه قطعته
بالوصل تعذرني عليه اللوم

حيث المجرة فيه مثل سبيكة
قد جرّبت فالبدر منها درهم

وضجيعتي خود بحكم جفائها
ولقائها يشقى المحبّ وينعم

حوراء الا أنها قد أسكنت
قلبي الذي تبلته وهو جهنم

لو لم تكن روضاً لما كانت اذا
هطلت غيوث مدامعي تتبسم

يا قلب هذا شعرها وجفونها
فاصبر اذا زحف السواد الأعظم

ما الشمس أشرف بهجة منها ولا
صوب السحائب من عليّ أكرم

بحر تعلمنا المديح صفاته
فعقوده منه عليه تنظم

متيقظ الآراء تحسب أنه
كل الأمور لديه غيباً يعلم

ومسدد الحركات ينهلّ الندى
وتخيم العلياء حيث يخيم

جزل العطاء والبأس حين خبرته
كالسيف حين يروق ثم يصمم

تجني فيحلم بعد ما جاورته
حتى تظن لديه أنك تحلم

رفق كما انحلت خيوط غمامه
فإذا سطا نزل القضاء المبرم

نطق الزمان به وكلّ مفاخر
كلمٌ على لسن الزمان مجمجم

إنظر لحبوته وأنعمه تجد
من جانبي رضوى سيولاً تفعم

لا عيب فيه سوى تسلط جوده
فالمال من نفحاته يتظلم

لله ما بلغت مساعيه وما
جمعت من المجد الذي لا يرغم

كرم تصلي السحب خلف صلاته
لكنها للعجز عنه تسلم

وثنا يقيد بالمدائح ذكره
فتراه ينجد في البلاد ويتهم

عبق الشذا تحكيه زهر كمائم
في الروض الا أنها تتكلم

وفضائل لذت وعزّ مرامها
فكأنها شهدٌ يذاق وعلقم

من كل ساجعة السطور كأنما
همزاتها ورقٌ بها تترنم

وقصيدة غراء تعلم أنه
قد غادر الشعراء ما يتردم

وتواضع كالشمس دانٍ ضوءها
والقدر أرفع أن ينال ويكرم

يممه يا راجيه تلق خلاله
تسدي بها حلل الثناء وترقم

يرجى فيعطي فوق كل رغيبة
وتطيش ألباب الرجال فيحلم

واذا دعى الداعي نزال وجدته
بالرأي يطعن واليراع فيهزم

قلم له في كل يوم كريهة
أنباء يجري في جوانبها الدم

نادى سواد النفس لما أفصحت
كلماته أنا عبد من يتفهم

و جرت بحكمته يدٌ من تحتها
أبداً يدٌ من فوقها ابداً فم

يا ابن الذين لهم سناً بهر الورى
وعلاً نبجل ذكرها ونعظم

شرف ولكن بالهلال متوج
فوق السماء وبالسماك مخيم

يفدي ربيع نداك مثر كفه
أبداً جمادى أو نداه محرم

قرم يعيس للمديح اذا شدا
فكانه عند المديح مذمم

أنت الذي لجأت اليه مدائحي
أيام لا وزرٌ ولا مستعصم

اغنيتني عمن إذ مدح امرؤ
لم يفرحوا واذا هجا لم يألموا

خذها اليك بديهة عربية
ما نال غايتها زياد الاعجم

شاب الوليد لعجزه عن مثلها
وارتد عن نظم القوافي مسلم