نعم هذه حزوي وتلك زرود - الهبل

نعم هذه حزوي وتلك زرود
فهل ذلك العيش النضير يعود

وهل تقتضي فيها لبانات عاشق
وتذكر أيمان لنا وعهود

وهل لليال قد مضت ثم عودة
وهل لي من بعد الصدور ورود

وهل أجتني زهر اللقا من أحبتي
على حين أغصان الشباب تميد

وهل أبلغن ممن أحب على الهوى
ورغم النوى ما أشتهي وأريد

سقى الله أكناف العقيق سحائبا
يبيت عليها ودقهن يجود

ولله دهر قد مضى لي بالغضا
وعيش قضى بالرقمتين حميد

جنيت به روض المنى وهو يانع
وقد غاب عنا كاشح وحسود

وما أنس لا أنس الحمى فسقى الحمى
وأهليه صخاب الرعود ركود

يمثلهم شوقي لعيني وبيننا
جبال عوال أو مهامه بيد

هم نقضوا عهدي جهارا وعهدهم
لدي على طول البعاد أكيد

وغيداء أما جفنها فهو فاتر
ضعيف وأما قلبها فشديد

إذا أعلمت سود اللحاظ حسبتها
لدى الفتك أيقاظا وهن رقود

تكلفني فوق الذي بي من الهوى
على أن وجدي ما عليه مزيد

وتوعدني بالوصل سرا وكم لها
وعود مطال بعدهن وعود

فإياك من وعد الغواني بوصلها
فهن اللواتي وعدهن وعيد

خليلي هل تدنو الديار لمغرم
تمالت عليه أعين وقدود

أما قلتما لي إذ وقفنا على الحمى
نكرر تسال الربى ونعيد

أفق فبحزوي أو زرود خيامهم
أما هذه حزوى وتلك زرود

وأمركما لي بالتصبر ضلة
ألا إن أمرا رمتماه بعيد

ومن لي بالصبر الجميل وقد أتت
لقتلي من حشد الغرام جنود

وما تركت جهدا عزائم سلوتي
ولكن شيطان الغرام مريد

وإن كنت لا أستطيع صبرا على النوى
فإني على حمل الهوى لجليد

يقل اصطباري والغرام بحاله
ويبلى شبابي والغرام جديد

فليس كمثلي في المحبين مغرم
ولا مثل عز المكرمات مجيد

فتى ساد أبناء المكارم كلهم
وما الناس إلا سيد ومسود

فتى أقعدته كاهل المجد والعلى
جحاجح من أبناء أحمد صيد

غدا وزمام الدهر طوع يمينه
يصرفه أنا يشا ويريد

إذا ما داعي المطالب ماله
يلبيه منه طارف وتليد

فدع حاتما إن شيم بارق نائل
فما لأخي جود سواه وجود

وفارس عبد لو توهم بأسه
لذاب لو أن القلب منه حديد

أعز الهدى مر في الزمان بما تشا
فأنت لعمري في بنيه وحيد

تظن الكرام المجد ما يبتنونه
وليس سوى ما تبتني وتشيد

فكم من فخار أنت دون الورى له
نهضت وأبناء الزمان قعود

ومكرمة بكر بنيت أساسها
وهم عن بناء المكرمات رقود

ورب رفيع الذكر أخملت ذكره
فكل عميد مذ نشأت عميد

وأتعبت أهل السبق في حلبة العلى
بما رحت منها تبتدي وتعيد

وكم أظهرت أوصافك الغر للورى
براهين مجد ما لهن جحود

وكم نقصت للنيل يوما أصابع
وبحرك ما ازداد النوال يزيد

شمائل تزري بالصبا وبلاغة
وبأس يذيب الراسيات وجود

وما لست أحصي من فضائل جمة
غدت وهي في جيد الفخار عقود

على أقعدت عجزا سواك كأنها
جوامع في أعناقهم وقيود

وسمعا لها مصقولة اللفظ حلوة
يقصر عنها جرول ولبيد

إذا أنشدت حلت غراما حبى النهى
وكادت لها الشم الجبال تميد

أبثك شوقا لي إليك مضاعفا
لنيرانه بين الضلوع وقود

تحمل قلبي من فراقك لوعة
يقلقل رضوى بعضها ويؤود

فما طرق القلب الجريح لبعدكم
هدو ولا الطرف القريح هجود

وسل عن ودادي سر قلبك إنه
لعمري على ما أدعيه شهيد

عسى من قضى بالبين بيني وبينكم
يرد لنا ما قد مضى ويعيد

سقى الغيث ريا سوحك الرحب إنه
لجنة عدن لو يكون خلود

ولا زال معمور الفنا بك دائما
يحل به بعد الوفود وفود

وما دمت لا تخشى الليالي فإنما
طوالعها مهما بقيت سعود

فما لمخوف مع وجودك صولة
ولا لتصاريف الزمان طريد

وإنكم آل المطهر في الورى
جواهر والمجد المؤثل جيد