يا قبر جادكَ وابلُ الرضوانِ - الهبل
يا قبر جادكَ وابلُ الرضوانِ
واستوطنتكَ عواطفُ الغفرانِ ؛
وعلى ثراكَ تخطرت ريحُ المنى
تسري بنشر البرَّ والإحسانِ
فلقد ثوى بثراكَ حبر ماجدٌ
حزنتْ لموقع صوته الثقلانِ
يا ضاحكا في جنة الفردوس قد
أبكيتَ من كانتْ لهه عينان .
ما كان أبرك منك عمراً ماضياً
قضيتهُ في طاعة الرحمانِ ؛
وغدونَ معتصماً به مستعصماً
بمعاقلِ التقوى من الشيطانِ .
وسعيتَ في كسبِ الثناء فأنتَ
من كفل الثناءُ لهُ بعمرٍ ثاني ؛
والعلم أجمع قد غدوتَ مبرزاً
في شوط حلبته على الأقرانِ ؛
وبذلتَ نفسك للأئمة ِ راعياً
لعهودهم في السرَّ والإعلانِ ؛
وقضيتَ دهراً في القراع لعصبة ٍ
شغلوا بقرع مثالثٍ ومثاني .
جاهدتَ في مولاك حقّ جهادهِ
تبغي رضا المتفضلِ المنانِ .
كم منْ محبٍ قد تركتَ مكابداً
أهوال دارِ مذلة ٍ وهوانِ .
دارِ المصائبِ والنوائبِ والعنا
وقرارة ِ الأكدارِ والأحزانِ ؛
أعرضتَ عن دارِ الغرورِ فأنتَ من
دار المقامة ِ في أعزّ مكانٍ . .
كم ليلة ٍ أحييتها متهجداً
بالفكرِ والصلواتِ والقرآنِ .
تدعو إلهكَ في دجاها قائلاً
جدْ بالفكاكِ على الأسير العاني
لو كنتَ تملكُ إنْ سئلتَ إجابة ً
ما قلتَ إلاّ سرني وحباني ؛
وأباحَ لي ورد الرضى كرماً وما
برحتْ عواطفُ بره تغشاني
وأحلني دارَ المقامة ِِ خالداً
في ظلّ ملك دائمٍ وأمانِ
ونداؤهُ إياي ؛ فزتَ بما تشا
من جنتي ونجوتَ من نيراني ؛
آهٍ لو أنكَ عشتَ في أعمارنا
دهراً ؛ وكنا نحنُ في الأكفان ؛
هيهات لا يبقى على ملكوته
إلاّ الإله وكلُّ حيًّ فاني
فاذكرْ أهاليكَ الذين تركتهم
يتجرعون مرارة الأحزان ؛
واسألْ لنا مولاك غفراناً إذا
حضرَ الحساب وزلت القدمانِ ؛
أحسنْ ضيافتنا غداة قدومنا ؛
فلقد عهدتكَ مكرمَ الضيفانِ
وصلاة ربكَ لا تزال مدى المدى
تهدى إلى المختار من عدنانِ
والآل من عذبتْ مواردُ ذكرهمْ
من كلّ مخلوقٍ بكلَّ لسانِ