وراءكِ اليوم عن لهوى وعن طرَبى - حيدر بن سليمان الحلي

وراءكِ اليوم عن لهوى وعن طرَبى
فإن قلبي أمسى كعبة َ النوبِ

لا تطمعي في وصالى إنَّ لي كبداً
تهوى وصال العلى لا الخُرَّد العرُب

أبعدَ حفظى لأسباب العلى زمناً
أضيعها لك بين اللهو واللعب

ما بتُّ مستمطراً من مقلتي جزعاً
نوء المدامع بين النؤى والطنب

قدحُ الأسى البرق والرعد الحنين وأنـ
ـفاسي الجنوبُ ودمعي ديمة ُ

ولا صبا أبداً قلبي لغانية ٍ
إذ ليس في حُسنها شغلي ولا أربي

في السُمر لا السُمر معقودٌ هوايَ وللـ
ـبيض الظُبا ليس للبيض الظِبا طَربى

وما عشقتُ سوى بكر العلى أبداً
ولستُ أخطبها إلا بذي شُطَب

وطالما صرفُ هذا الدهر قلَّبني
فلم يكن لسوى العلياء منقلبى

ما ضرَّني بين قومٍ خفضَ منزلتي
ومنزلي فوق هام السبعة الشُهب

وحسب نفسي وإن أصبحت ذا عُدُمٍ
من ثروة ٍ أنني مُثرٍ من الأدب

ولست آسى على عُمرٍ أطايبه
أنفقتها في ابتغاء المجد في الكَرب

يأسى على العمر من باتت تقلّبهُ
في مطرح الذل كفُّ الخوف والرهب

لم يسرق الدهرُ لي فضلاً ولا شرفاً
وما ادَّعائي العلى والمجد بالكذب

وإنها لمساعٍ لا نظير لها
ورثتها عن أبِ من هاشم فأب

من معشرٍ عقدوا قِدماً مآزرهم
على العفاف وكانوا أنجب العَرب

والأرض لم تبقَ منها بقعة ً أبداً
إلا سقوها برقراق الدم السرب