وَرَدَ الرَّبيعُ، فمرحَباً بوُرُودِهِ، - صفي الدين الحلي

وَرَدَ الرَّبيعُ، فمرحَباً بوُرُودِهِ،
وبنُورِ بَهجَتِهِ، ونَوْرِ وُرُودِهِ

وبحُسنِ مَنظَرِهِ وطيبِ نَسيمِهِ،
وأنيقِ ملبسهِ ووشي برودهِ

فصلٌ، إذا افتخرَ الزمانُ، فإنهُ
إنسانُ مُقلَتِهِ، وبَيتُ قَصيدِهِ

يُغني المِزاجَ عن العِلاجِ نَسيمُهُ،
باللطفِ عندَ هبوبهِ وركودهِ

يا حبذا أزهارهُ وثمارهُ،
ونباتُ ناجمهِ، وحبُّ حصيدهِ

وتَجاوُبُ الأطيارِ في أشجارِهِ،
كَبَناتِ مَعبَدَ في مَواجِبِ عُودِهِ

والغصنُ قد كُسِيَ الغَلائلَ، بعدَما
أخَذَتْ يَدا كانونَ في تَجرِيدِهِ

نالَ الصِّبَا بعدَ المَشيبِ، وقد جَرَى
ماءُ الشبيبة ِ في منابتِ عودهِ

والوردُ في أعلى الغصونِ، كأنهُ
ملكٌ تحفّ بهِ سراة ُ جنودهِ

وكأنما القداحُ سمطُ لآلىء ٍ،
هو للقضيبِ قلادة ٌ في جيدهِد

والياسَمينُ كعاشِقٍ قد شَفّهُ
جورُ الحبيبِ بهجرهِ وصدودهِ

وانظرْ لنرجسهِ الشهيّ كأنهُ
طرفٌ تنبيهَ بعدَ طولِ هجودهِ

واعجبْ لأذريونهِ وبهارهِ،
كالتبر يزهو باختلافِ نقودهِ

وانظُرْ إلى المَنظُومِ من مَنثُورِهِ،
متنوعاً بفصولهِ وعقودهِ

أو ما ترى الغيمَ الرقيقَ، وما بدا
للعَينِ من أشكالِهِ وطُرُودِهِ

والسّحبُ تَعقُدُ في السّماءِ مآتماً،
والأرضُ في عُرسِ الزّمانِ وعيدِهِ

ندبتْ فشقّ لها الشقيقُ جيوبهُ،
وازرَقّ سَوسَنُها للَطمِ خُدودِهِ

والماءُ في تيارِ دجلة َ مطلقٌ،
والجِسرُ في أصفادِهِ وقُيُودِهِ

والغيمُ يحكي الماءَ في جريانهِ،
والماءُ يحكي الغيمَ في تجعيدهِ

فابكُرْ إلى رَوضٍ أنيقٍ ظِلُّهُ،
فالعيشُ بينَ بسيطهِ ومديدهِ

وإذا رأيتَ جَديدَ روضٍ ناضرٍ،
فارشفْ عتيقَ الراحِ فوقَ جديدهِ

من كفّ ذي هيفٍ يضاعفُ خلقُه
سُكرَ المُدامِ بشَدوِهِ ونَشيدِهِ

صافي الأديمِ تَرَى ، إذا شاهَدتَهُ،
تِمثالَ شَخصِكَ في صَفاءِ خُدودِهِ

وإذا بَلَغتَ من المُدامَة ِ غايَة ً،
فأقلِلْ لتُذكي الفَهمَ بعدَ خُمودِهِ

إنّ المُدامَ، إذا تَزايَدَ حَدُّها
في الشّربِ، كان النّقصُ في محدودِهِ