مَلَكْتَ فؤادَ صبِّك في جمالِكْ - عبد الغفار الأخرس

مَلَكْتَ فؤادَ صبِّك في جمالِكْ
فلا تضنِ محبَّك في دلالك

كئيبٌ من جفونك في سقام
فعالجه وإلاّ فهو هالك

يرومُ وصالكَ الدَّنفُ المعنى
ولو أَنَّ المنيَّة في وصالك

تَحرِّمُ وَصْل من يهواك ظُلماً
وتبخلُ فيه حتى في خيالك

وما ينسى لك المشتاق ذكراً
أيخطر ذكرها يومأً ببالك

لقد ضاقت مذاهبه عليه
وسُدَّتْ دون وِجْهَتِه المسالك

مللتُ وما مللتَ عن التجافي
فَلِمْ لا مِلتَ يوماً عن ملالك

فيا ظبي الصريم وأنت ريمٌ
لكَمْ قُنِصَتْ أُسُودٌ في حبالك

وإنَّك إنْ حَكَيْت الصَّبَحَ فَرقاً
حكى حظّي الشقيّ سواد خالك

أقولُ لعاذل بهواك يلحو
أَصَمَّ الله سمعي عن مقالك

وبين الوجد والسوان بعد
كما بين اتصالك وانفصالك

تحلُّ دَماً من العاني حراماً
فَهَلاّ كان وَصلُك من حلالك

وهبنا من زكاة الحسن وصلاً
أما تجب الزكاة على جمالك

وإنّا في هواك كما ترانا
عطاشى لا تُؤَمِّلنا ببالك

يُؤَمِّلنا المنى فيك المنايا
ويوقعنا غرامك في المهالك

وما طمع النفوس سوى تلاقٍ
وقد أطعمتُ نفسي في نوالك

منعتَ ورودَ ذاك الثّغر عني
فواظمأ الفؤاد إلى زلالك

أربعَ المالكة ّ بعد ليلى
ضلالاً إنْ صَبَوْتُ لغير ضالك

سُقِيتَ الريَّ من ديمَ الغوادي
تجر ذيولهن على رمالك

أُقاسي من ظبائك ما أقاسي
وأعظمُ ماأكابد من غزالك

ويا قلباً يذوب عليك وجداً
أرى هذا الغرام على وبالك

يحمّلك الهوى حملاً ثقيلاً
وما کحتملت قلوب كاحتمالك

ألا فکنشد بذات الضال قلبي
فعهدي أنَّه أضحى هنالك

ولا تسلك بنا سبل اللواحي
فإنّي في سبيلك غير سالك

لقد أرشَدْتَ بل أضْلَلْت فيه
فلم أعرف رشادك من ضلالك

شجيتُ وأنتَ من وجدي خليٌّ
وها حالي ثكلتك غير حالك

فلا تَحْتَلْ على صَبري بشيءٍ
من العجز اتكَّلت على احتيالك

ولا تعذل أخا دنفٍ عليه
متى يصغي لقيلك أو لقالك

يزين صباح ذاك الفرق منه
باسودَ من سواد الليل حالك

وما لك بالغرام وأنْتَ عدل
تجورُ على المحبِّ مع کعتدالك

أَيَمْلِكُ بالهوى رقّي وإنّي
شهاب الدين لي بالفضل مالك

أمحمود الفضائل والسجايا
حَمِدْتُ من الأنام على فعالك

لقد أُوتيتَ غاية كل فضل
بخوضك في العلوم وباشتغالك

إذا افتخرت بنو آلٍ بآلٍ
ففخر الدين أنت وفخر آلك

وأعجبُ ما نشاهد في أحاجي
بديهتك العجيبة وکرتجالك

وكم أخرستَ منطقيا بلفظ
فأفصحَ عن عُلاك لسانُ حالك

وفي مرآك للأبصار وحيٌ
ينّبئُنا فديتُك عن جلالك

وتصقع بالبلاغة والمعالي
أَشدّ على عدوّك من نبالك

فيا فرع النبوّة طِبْتَ أصلاً
ثمار الفضل تُجْنى من كمالك

ظفرنا من نداك بما نرجّي
على أَنْ ما ظَفِرنا في مثالك

وحسُبُك أَنْتَ أَشرفْ مَن عَليها
تشَّرفتِ البسيطة ُ في نعالك

وكم لله من سيف صقيلٍ
بجوهره العناية في صقالك

لنا من اسمك المحمود فألٌ
يخبِّرُ سائليك بسعد فالك

وما أنا قائلٌ بنداك وبلٌ
لأنَّ الوَبْلَ نوعٌ من بلالك

إذا الأَيام يوماً اظمأَتْنا
وردنا من يمينك أو شمالك

وإنْ بارزت بالبرهان قوماً
تحامى من يرومك في نزالك

وكلٌّ منهمُ وله مجالٌ
فما جالت جميعاً فقي مجالك

تجيبُ إذا سئلتَ بكلِّ فنٍّ
وتعجزهم جواباً عن سؤالك

وإنَّك أكثر العلماء علماً
ولستَ أقلَّهم إلاّ بمالك

نعم هم في معاليهم رجال
ولكن لم يكونوا من رجالك

كمالُكَ لا يرام إليه نَقصٌ
وأينَ البَدْر تمّاً من كمالك

وما تحكي البدورُ التِمُّ إلاّ
بوجهك وکرتفاعك وکنتقالك

سجاياك الجميلة خبَّرتنا
بأنَّ الحسن معنى من خصالك

خلالٌ كلُّها كرمٌ وجودٌ
تجمَّعتِ المكارم في خلالك

وما في الناس من تَلْقاه إلاّ
ويسألُ من علومكَ أو نوالك

وتولي في جميلك كلَّ شخصٍ
كأنَّ الخلقَ صارت من عيالك

لقد أمنتني خوفَ الليالي
وإنّي إنْ بقيت ففي خلالك

تعالى قدْرُك العالي مَحلاًّ
وعندي أنَّ قَدْرَك فوق ذلك

وصَفْتُك بالفضائل والمعالي
ولم تَكُ سيّدي إلاّ كذلك