قَدِمْتَ بالبشْرِ وبالبَشائِر - عبد الغفار الأخرس

قَدِمْتَ بالبشْرِ وبالبَشائِر
وزرتنا فحبَّذا من زائرِ

وجئت بالخير علينا مقبلاً
لكلّ باد ولكل حاضر

فكنتَ كالمزن همت بماطر
وكنتَ كالروض زها لناظر

لو نظرَ الناظرُ ما صنعته
نمَّقه بدفتر المفاخر

أنضيتَ للعمران فُلْكَ همّة ٍ
فَعَمَّرتْ كلَّ مكان داثر

وهذه العمارة ُ اليوم لكم
معمورة ٌ الأكتاف بالعشائر

نَظَّمت بالتدبير منك شملها
بناظمٍ للعدل غير ناثر

وإنما دانت لحكم عادلٍ
ولم يدن ممتنع لجائر

أمَّنتها من شر ما ينوبها
بالناس في أمن وخير وافر

ولم تَخُنْ عهدَ امرىء ٍ عاهدته
حوشيتَ من عهد الخؤون الغادر

جبرتَ بالإنصاف كسراً ماله
غيرك فيما بينهم من جابر

عَفَوْتَ عن كبارهم تكرُّماً
وهذه من شيمَ الأكابر

وقمت في الحكم مقام نامقٍ
وأنت أهدى لذوي البصائر

فتارة ً تزجر في مواعظٍ
وتارة ً تطعن بالزواجر

إذا هَزَزْتَ بالبنان قلماً
أغناك عن هزِّ الحسام الباتر

هذا وأنتَ واحدٌ منفردٌ
تغني عن الألفِ من العساكر

يريك رأيّ بشهاب فطنة
بواطن الأشياء كالظواهر

ملكت باللُّطفِ رقاب عصبة ٍ
أمْنَع من لَيثٍ هصُور خادر

فكم لكم حينئذ من حامد
وكم لكم يومئذٍ من شاكر

عمَّرتموها فغدت عمارة ً
كما أردتم لمراد الخاطر

فقلْ لمن يسأل عن تاريخها
قد عمِّرت أيامَ عبد القادر