وأنتَ غَداً فِيها تَمُوتُ وتُقْبَرُ؟ - أبو تمام

...............
وأنتَ غَداً فِيها تَمُوتُ وتُقْبَرُ؟

تلقحْ آمالاً وترجو نتاجها
وعُمْرُكَ مِمّا قدْ تَرَجيْه أَقْصَرُ !

تَحُومُ على إِدراكِ ماقد كُفِيتَه
و تقبلُ بالآمال فيهِ وتدبرُ

وهذا صَباحُ اليومِ يَنْعَاكَ ضَوْؤُهُ
وَلَيْلَتُهُ تَنعاكَ إِنْ كنتَ تَشْعُرُ

ورِزْقُكَ لا يَعدوكَ إِمّا مُعَجَّلٌ
على حالة يوماً وإِمّا مُؤَخَّرُ

و لا حولُ محتالٍ ولا وجهُ مذهبٍ
و لا قدرٌ مزجيهِ إلاّ المقدِّرُ

لقَدْ قَدَّرَ الأَرزاقَ منْ ليسَ عادِلاً
عن العدلِ بين الخلقِ فيما يقدّرُ

فلا تأمنِ الدنيا وإن هي أقبلت
عليك فما زالت تخونُ وتغدرُ

فما نمَّ فيها الصفوُ يوماً لأهلهِ
ولا الرفْقُ إِلاَّ رَيْثما يَتَغَيَّرُ

و ما لاح نجمٌ لا ولا ذرَّ شارقٌ
على الخَلْقِ إِلاَّ حَبْلُ عُمْرِكَ يَقصُرُ

تَطَهَّرْ وأَلحِقْ ذَنْبَكَ اليومَ تَوْبَة ً
لَعَلَّكَ مِنه إِنْ تَطهَّرتَ تَطْهَرُ

وشَمرْ فقَدْ أَبدَى لكَ الموتُ وَجْهَهُ
وليسَ يَنالُ الفوزَ إِلاَّ المُشَمرُ

فهذِي الليَالي مُؤْذناتُكَ بالبِلَى
تروحُ وأيامٌ كذلكَ تبكرُ

و اخلص لدينِ اللهِ صدراً ونية ً
فإن الذي تخفيهِ يوماً سيظهرُ

و قد يسترُ الإنسانُ باللفظِ فعلهُ
فيظهرُ عنهُ الطرفُ ما كان يسترُ

تذكر وفكّر في الذي أنت صائرٌ
إليه غذاً إن كنتَ ممن يفكّرُ

فلا بُدَّ يوماً أَنْ تَصيرَ لحِفْرَة ٍ
بأثنائها تطوى إلى يومَ تنشرُ