هَلْ أَثَرٌ مِنْ دِيارِهِمْ دَعْسُ - أبو تمام

هَلْ أَثَرٌ مِنْ دِيارِهِمْ دَعْسُ
حَيْثُ تَلاَقَى الأجْرَاعُ والوَعْسُ 

مُخَبرُ السَّائِرِ الرَّذِيَّة َ في الْـ
أطلالِ أينَ الجآذرُ اللعسُ

لا تسألنها فليسَ يسمعُ جرسَ ال
قولِ إلاَّ شخصٌ لهُ جرسٌ

ولايُرَاخِي عَذْلَ المُعَنَّسَة ِ الْـ
خرقاءِ إلاَّ الشملة ُ العنسُ

وراكدُ الهمُ كالزمانة ِ وال
بيتُ إذا ما ألفتهُ رمسُ

نِعْمَ مَتاعُ الدُّنيا حَبَاكَ بهِ
أَرْوَعُ لا جَيْدَرٌ ولاجِبْسُ

أصْغَرُ مِنْها كأنَّهُ مُحَّة ُ الْـ
ـبَيْضَة ِ، صَافٍ كأنَّهُ عَجْسُ

هاديهِ جذعٌ منُ الأراكِ وما
خَلْفَ الصَّلا مِنْهُ صَخْرَة ٌ جَلْسُ

يَكادُ يَجْرِي الجَادِيُّ مِنْ ماءِ عِطْ
فَيْهِ ويُجْنَى مِنْ مَتْنِهِ الوَرْسُ

هذبَ في جنسهِ ونالَ المدى
بنفسهِ فهوَ وحدهُ جنسُ

أحزر آباؤهُ الفضيلة َ مذْ
تَفَرَّسَتْ في عُرُوقِها الفُرْسُ

ليسَ بديعاً منهُ ولا عجباً
أنْ يطرقَ الماءَ وردهُ خمسُ

يَتْرُكُ ما مَرَّ مُذْ قُبَيْلُ بهِ
كأنَّ أدنى عهدٍ بهِ الأمسُ

وهوَ إذا ما ناجاهُ فارسهُ
يفهمُ عنهُ ما يفهمُ الإنسُ

وَهْوَ ولمَّا تَهْبِطْ ثَنِيَّتُهُ
لا الربعُ في جريهِ ولا السدسٌ

وهوَ إذا ما رمى بمقلتهِ
كانَتْ سُخاماً كأنَّها نِقْسُ

وهوَ إذا ما أعرتْ غرتهُ
عينيكَ لاحتْ كأنها برسُ

ضمخَ منْ لونهِ فجاءَ كأنْ
قد كُسِفَتْ في أديمِهِ الشَّمْسُ

كلُّ ثَمينٍ مِنَ الثَّوابِ بهِ
غَيْرُ ثَنائِي فإنَّه بَخْسُ

شذبَ همي بهِ صقيلٌ نَ ال
ـفتيانِ أقْطَارُ عِرْضِهِ مُلْسُ

سامي القذالينِ والجبينْ، إذا
نكسَ منْ لؤمِ فعلهِ النكسُ

أبو عليَّ أخلاقهُ زهرٌ
غِبَّ سَماءٍ ورُوحُه قُدْسُ

أبيضٌ قدتْ قدَّ الشراكِ شرا
كِ السبْتِ بَيْنِي وبَيْنَهُ النَّفْسُ

للمجدِ مستشرفٌ وللأدبِ ال
مجفوَّ تربٌ وللندى حلسُ

وَحَوْمَة ٍ للخِطَابِ فَرَّجَهَا والْـ
قومُ عجمٌ في مثلها خرسُ

شَكَّ حَشاها بخُطْبَة ٍ عَنَنٍ
كأنها منهُ طعنة ُ خلسُ

أَرْوَعُ لا مِنْ رِياحِهِ الحَرْجَفُ الـ
صرُّ ولا منْ نجومهِ النحسُ

يشتاقهُ منْ كمالهِ غدهُ
ويُكْثِرُ الوَجْدَ نَحْوَهُ الأمْسُ

رَدي لِطَرْفي عَنْ وجْهِهِ زَمَنٌ
وَسَاعَتِي مِنْ فِراقِهِ حَرْسُ

أَيَّامُنا في ظِلالِهِ أَبَداً
فصلُ ربيعٍ ودهرنا عرسُ

لا كأناسٍ قد أصبحوا صدأ ال
عيشِ كأنَّ الدنيا بهمْ حبسُ

القُرْبُ مِنْهمْ بُعْدٌ من الرُّوحِ والْـ
ـوَحْشَة ُ مِنْ مِثْلِهِمْ هي الأُنْسُ

تِلْكَ خِلالُ وقْفٌ عليْكَ ابنَ وهْـ
بِ بن سعيدٍ عتاقها حبسُ

آبِرُ حَمْدٍ يرَى الرجَالَ هُمُ
سرُّ الثرى والعلى هي الغرسُ