كم بالمدينةِ من غريبٍ نازِلٍ، - أبوالعلاء المعري

كم بالمدينةِ من غريبٍ نازِلٍ،
لا ضابىءٌ منهمْ، ولا قيّارُ

أمّا الذينَ تديّروا، فتَحَمّلوا،
وتخلّفَتْ، بعدَ القَطينِ، دِيارُ

سارَ الزّمانُ بهم إلى أجداثِهمْ؛
وكذا الزّمانُ بأهلِهِ سيّار

كنْ حيثُ شِئتَ بلُجّةٍ، أو ربوةٍ،
أو وَهْدةٍ، سينالُكَ التّيّار

قد أعرسَتْ عِرسُ الأميرِ بتابعٍ
ضَرَعٍ، فأينَ حليلُها المِغيار؟

والدّهرُ سِيدٌ في الخديعةِ، ضَيْغَمٌ
في الفَرْسِ، طائرُ مسلكٍ طيّار

والأرضُ تقتاتُ الجسومَ، كأنّما
هذا الحِمامُ، لتُرْبها، مَيّار

واللَّهُ يُحمَدُ، كلّما طالَ المدى،
طَمَتِ الشّرورُ، وقلّتِ الأخيار

لا حظّ، في الدّنيا، لعالي همّةٍ،
والوحشُ أفضلُ صَيدِها الأعيار