لمن دارٌ، ورَبْعٌ قد تعفّى - ابن المعتز
لمن دارٌ، ورَبْعٌ قد تعفّى
بنهرِ الكرخِ مهجورُ النواحي
إذا ما القطرُ حلاهُ تلاقتْ
على اطلاله هوجُ الرياحِ
محاهُ كلُّ هطالٍ ملحًّ ،
بوبلٍ مثلِ أفواهِ اللقاحِ
فباتَ بليلِ باكية ٍ ثكولٍ،
ضريرَ النجمِ ، متهمَ الصباحِ
وأسفرَ بعدَ ذلكَ عن سماءٍ،
كأنّ نجومها حدقُ الملاحِ
سقَى أرضاً تَحِلُّ بها سُلَيمى ،
و لا سقى العواذلَ واللواحي
مُهفهَفَة ٌ لها نَظَرٌ مَريضٌ،
و أحشاءٌ تضيعُ من الوشاحِ
وفِتيانٍ كهمّكَ من أُناسٍ،
خِفافٍ في الهُدُوّ وفي الرّواحِ
بَعثتهمُ على سفَرٍ مَهيبٍ،
فما ضربوا عليهم بالقداحِ
ولكن قَرّبوا قُلُصاً حِثاثاً،
عواصِفَ، قد حُنينَ مِنَ المِراحِ
و كلُّ مروعِ الحركاتِ ناجٍ ،
بأربعة ٍ تَطيرُ بهِ نِصاحِ
كأنا عندَ نهضتهِ رفعنا
خِباءً فوقَ أطرافِ الرّماحِ
وقادوا كلَّ سَلهَبَة ٍ سَبوحٍ،
كأنّ أديمها شرقٌ براحِ
تخلِّفُ في وجوهِ الأرْض رَسماً،
كأُفحوصِ القَطا أو كالأداحي
فكابَدْنا السُّرى ، حتى رأينا
غرابَ الليلِ مقصوصَ الجناحِ
وقد لاحَتْ لساريها الثّريّا،
كأنّ نجومها نورُ الأقاحِ
وأعداءٍ دلَفتُ لهم بجَمْعٍ
سريعِ الخطوِ في يومِ الصّياحِ
و كنا معشراً خلقوا كراماً ،
نرى بذلَ النفوس من السماحِ
دعونا ظالمينَ ، فما ثكلنا ،
وجِئنا، فاقترَعنا بالصّفاحِ
وغاديناهُمُ بالخَيل شُعثاً،
نثيرُ النقعَ بالبلدِ المراح
و بيضٍ تأكلُ الأعمارَ أكلاً ،
و تسقي الجانبينِ من الجماحِ
وفُرسانٍ يَرونَ القتلَ غُنماً،
فما لهمُ لدَيه من بَراحِ
رأونا آخذينَ بكلِّ فجٍّ،
بمُشعَلَة ٍ تَوقَّدُ بالرّماحِ
فعادوا بالغرارة ِ أسلَمَتهُم
جرائرُهم إلى الحَين المُتاحِ
قرينا بغيهم طعناً وجيعاً ،
وضرباً مثلَ أفواهِ اللقاحِ
نهني الرحلَ بالخيل المذاكي ،
وعُزّابَ الفرائسِ بالنّكاحِ
وى خى النارَ والنيرانَ موتى
مُشهَّرَة ٌ، تُبشِّرُ بالنّجَاحِ
ولا أخشَى ، إذا أعطيتُ جُهدي،
و أحذرُ أن أكونَ من اشحاحِ
وأفرَدَني من الإخوانِ عِلمي
بهم ، فبقيتُ مهجورَ النواحي
عمرتُ منازلي منهم زماناً ،
فما أدنى الفسادَ من الصلاحِ
إذا ما قلّ مالي قلّ مدحي ،
وإن أثرَيتُ عادوا في امتداحي
و كم ذمَ لهم في جنبِ مدحٍ ،
وجِدٍّ بينَ أثناءِ المُزاحِ