هَلْ بَعْدَ فَتْحِكَ ذَا لِباغٍ مَطْمَعُ - ابن حيوس

هَلْ بَعْدَ فَتْحِكَ ذَا لِباغٍ مَطْمَعُ
لِلّهِ هذَا الْعَزْمُ ماذَا يَصْنَعُ

ما زَالَ يَرْفَعُ لِلْخِلاَفَة ِ سَيْفَها
منذُ انتضتهُ راية ً لاَ توضعُ

بالجدَّ تثني الحادثاتِ فتثني
وَالْجِدُّ يَقْتادُ الْحَرُونَ فَيَتْبَعُ

لاَ يأمننَّ سطاكَ ذو جهلٍ بها
ما للقضاءِ وَلاَ لأمركَ مدفعُ

باغي النجومِ مبينٌ عنْ عجزهِ
وَمصارعُ الليثِ الغضنفرِ يصرعُ

فِي قَتْلِكَ الأَسَدَ الَّذِي رَاعَ الْوَرى
لَوْلاَ سَفاهَة ُ شِبْلِهِ ما يَرْدَعُ

وَأَرى ابْنَ صالِحٍ اسْتَغَرَّ بِجَهْلِهِ
إنَّ الجهالة َ في المكارهِ توقعُ

لمْ يلقَ عنها وازعاً منْ رأيهِ
حتى انبرتْ أعضاؤهُ تتوزعُ

فَلَئِنْ أَبى أَنْ يَسْتَجِيرَكَ نَخْوَة ً
فَلَقَدْ أَتى وَلَهُ قِيادٌ طَيِّعُ

رأسٌ تراعُ لهُ العيونُ وَلمْ تزلْ
قَبْلَ العُيُونِ بِهِ الْقُلُوبُ تُرَوَّعُ

وَرَأَى التَّخَلِّيَ عَنْ حَماة َ شَناعَة ً
وَمُقامُ جُثَّتِهِ عَلَيْها أَشْنَعُ

متخطفٌ لمْ يغنِ عنهُ قومهُ
شيئاً بلِ اندفعوا وقدْ قيلَ ادفعوا

وَثَنى شَبِيباً عَنْهُ صِهْرٌ خانَهُ
فإذا الصهارة ُ عندهُ لاَ تنفعُ

مَنْ رَامَ مُعْتَصَماً سِوَاكَ فَجَمْعُهُ
مُتَصَعْصِعٌ وَبِناؤُهُ مُتَضَعْضِعُ

أذكيتها بالسمرِ تعسلُ شرعاً
وَالبيضِ تلمعُ وَالمذاكي تمزعُ

هَيْجاءَ لَمْ تُثْكِلْ عَجائِزَ عامِرٍ
إِلاَّ وَأُمُّ الْمَوْتِ فِيها مُتْبِعُ

ما إِنْ تَخاذَلَتِ الْجَماجِمُ وَالطُّلى
حتى تناصرتِ الظبى وَالأردعُ

كانَتْ صَلاَة ً وَالشِّعارُ إِقامَة ً
وَالهامُ تسجدُ وَالصوارمُ تركعُ

إذْ هامهمْ كالطيرِ لاقتْ مشرعاً
بعضٌ محلقة ٌ وَبعضٌ وقعُ

ظَنُّوا وَمِيضَ الْبَرْقِ بارِقَ نُجْعَة ٍ
ما تَحْتَ كُلِّ وَمِيضِ بَرْقٍ مَرْتَعُ

وَلَقَدْ أَبانَتْ طَيِّئٌ عَنْ رُشْدِها
آثارها وَأرينَ منْ لاَ يسمعُ

لولاَ تقادمها لقلنا إنها
لاَ شَكَّ مِنْ عَزْمِ الْمُظَفَّرِ تُطْبَعُ

لَمَّا جَعَلْتَ صَلِيلَها عَذْلاً لَهُمْ
إنَّ الملامَ بغيرها لاَ ينجعُ

وَلوأ وَأكثرُ قولِ منْ فاتَ الوغى
ما فِي الْحَياة ِ لِعامِرِيٍّ مَطْمَعُ

منْ كلَّ مسلوبِ البصيرة ِ خانهُ
حُسْنُ الْعَزَاءِ وَلَمْ تَخُنْهُ الأَدْمُعُ

نعمٌ تقسمها الفيافي وَ الردى
نَفْياً وَعَقْراً وَالْعَوَالِي شُرَّعُ

فَلِمَنْ مَضى زَجْرٌ بِأَلْسِنَة ِ الْقَنا
منهمْ وَللثاوي مناخٌ جعجعُ

وَفَشَتْ جِرَاحٌ كانَ أَخْطَرَ مَوْقِعاً
مِنْها وَأَنْكى ما تُجِنُّ الأَضْلُعُ

كفلتْ لكلَّ تنوفة ٍ مروا بها
أَلاَّ تَجُوعَ ذِئابُها وَالأَضْبُعُ

سُلِبُوا بِهَبَّاتِ الْجَهالَة ِ مُلْكَهُمْ
إنَّ الهباتِ بكفرها تسترجعُ

فليذهبوا في الأرضِ أوْ فليرجعوا
فَالأَرْضُ وَاسِعَة ٌ وَعفْوُكَ أَوْسَعُ

ما أزمعوا هرباً وَلاَ فلوا شباً
إِلاَّ وَأَنْتَ عَلَى التَّرَجُّلِ مُزْمِعُ

وَالعزمُ إلاَّ ما عزمتَ مفللٌ
وَالملكُ إلاَّ ما حفظتَ مضيعُ

أَبَنِي كِلاَبٍ إِنَّ عِزَّكُمُ وَهى
فخذوا بأحكامِ المذلة ِ أوَ دعوا

أعنِ الرشادِ تلومٌ وَتأخرٌ
وَإلى الفسادِ تقدمٌ وَتسرعُ

طالَ العرامُ بكمْ ألما تعلموا
أَنَّ الْعَرَامَة َ بِالصَّرَامَة ِ تُقْدَعُ

وَنحتْ نميرُكمُ فألاَّ دافعتْ
وَالموتُ فيكمْ طاعمٌ لاَ يشبعُ

منعتهمُ منْ وصلهمْ أرحامكمْ
رؤياهمُ أوصالكمْ تتقطعُ

حَتّى إِذَا أَسَرَ الْخَمِيسُ رِجالَكُمْ
وَمضى نعامٌ في الهزائمِ مسرعُ

أَخَذَ الوَثاقُ وَهُمْ بِهِ مِيثاقَهُمْ
أَلاَّ يُجِيبُوا الْمُسْتَغِيثَ إِذَا دُعُوا

يَتَخَيَّلُ الْبَطَلُ الْكَمِيُّ إِذَا رَأَى
إقدامَ جيشكَ أنه ما يشجعُ

عودتهمْ فرسَ الكماة ِ لدى الوغى
فَأَقَلُّ مَنْ فِيهِمْ هُمامٌ أَرْوَعُ

وَبَنُو عَدِيٍّ حِينَ خالَطَتِ الظُّبى
وَاليومُ منْ نقعِ الحوافرِ أسفعُ

ضاقتْ مسالكها فأشرعتِ القنا
إِنَّ الْوَشِيجَ لِمُشْرِعِيهِ مُوَسِّعُ

منعَ ابنُ جوشنٍ الذمارَ بحيثُ لاَ
يحوي عنانَ العزَّ منْ لا يمنعُ

وَحَماهُ مِنْ كَلَبِ الْعَدُوِّ وَقَدْ عَلاَ
رَجُلٌ تَكادُ لَهُ الْجِبالُ تَصَدَّعُ

وَثَباتُهُ وَالْخَوْفُ قَدْ قَصَرَ الْخُطى

جردتهُ عضباً سواءٌ عندهُ
يومَ الكريهة ِ حاسرٌ وَمدرعُ

فَإِذَا رَمَيْتَ بِهِ عِدى ً فِي مَأْزِقٍ
فبغيرِ رأسِ عظيمهمْ لاَ يرجعُ

أَوَ كَيْفَ لاَيَمْضِي الْحُسامُ بِكَفِّ مَنِ
ما زَالَ يَضْرِبُ بِالْكَهامِ فَيَقْطَعُ

نالَتْ جَنابٌ فِي جَنابِكَ سُؤْلَها
فلها مصيفٌ في ذراكَ وَمربعُ

لاَ تشتكي جدباً وَ روضكَ ممرعٌ
كلاَّ وَلاَ ظمأً وَ حوضكَ مترعُ

وضلقدْ أبانتْ طيءٌ عنْ رشدها
وَاليومَ تخفضُ بالفعالِ وَترفعُ

ما ضَرَّهُمْ لُقْيا الْقَنا بِجُلُودِهِمْ
وَعَلَيِهِمُ مِنْ حُسْنِ رَأْيِكَ أَدْرُعُ

إذْ ظلَّ غلابٌ يذودُ حماتهمْ
إِنَّ التَّقَرُّبَ مِنْ رِضاكَ يُشَجِّعُ

وَغَداً تَرى حَسَّانَ يَفْعَلُ فِعْلَهُ
إنْ كانَ فيهمْ للأسنة ِ مشرعُ

فأبٌ بعفوكَ يقتفي أثرَ ابنهِ
وَابنٌ لوالدهِ بسيفكَ يتبعُ

هذَا هُوَ الشَّرِفُ الَّذي لاَ يُرْتُقى
أبداً وذا المجدُ الذي لاَ يفرعُ

ظللْ بسحبكَ طيئاً لتجودها
منْ جودِ كفكَ ديمة ٌ لاَ تقلعُ

عربٌ مضتْ أحكامْ عزكَ فيهمُ
طوراً تفرقهمْ وَأخرى تجمعُ

مَرَنَتْ عَلَى خَطْمِ الْمَوارِنِ عِنْدمَا
رأتِ الخناجرَ في خلافكَ تجدعُ

لَمْ يَخْلُ مِنْ فَرَحٍ بِنَصْرِكَ فَلْيَدُمْ
قَلْبٌ وَلاَ مِنْ ذِكْرِ فَتْحِكَ مَوْضِعُ

فتحٌ جليلٌ في النفوسِ وَإنهُ
سَيَقِلُّ عِنْدَ وُقُوعِ مَا يُتَوَقَّعُ

في بعضِ ما بلغَ اعتزامكَ مقنعٌ
لَوْ أَنَّ هِمَّتَكَ الْعَلِيَّة َ تَقْنَعُ

لَكَ عَزْمَة ٌ كَالسَّيْفِ بَلْ أَمْضى شَباً
منْ رتبة ٍ كالشمسِ بلْ هيَ أرفعُ

حاولْ بها أيَّ الممالكِ شئتهُ
إنَّ الطريقَ إلى ابتغائكَ مهيعُ

وَانظرْ إلى حلبٍ بناظر رحمة ٍ
فشفيعها عندَ الملوكِ مشفعُ

أَرْضٌ يُطِلُّ عَلَى الْمَمَالِكِ رَبُّهَا
فَيَضُرُّ مِنْهَا مَا يَشَاءُ وَيَنْفَعُ

فانهضْ إليها نهضة ً عضدية ً
مَا مِثْلُ رَأْيِكَ بِالزَّخَارِفِ يُخْدَعُ

لاَ تتخذْ رسلاً سوى بيضِ الظبى
فشفارها أبداً بامركَ تصدعُ

فَهُنَاكَ أَبْصارٌ تَظَلُّ شَوَاخِصاً
شَوْقاً إِلَيْكَ وَأَنْفُسٌ تَتَطَلَّعُ

تَفْدِيكَ لاَ مُمْتَنَّة ً بِنُفُوسِها
منْ كلَّ حادثة ٍ تجلُّ وَ تفظعُ

أممٌ إذا رغبوا فأنتَ المجتدى
فِيهِمْ وَإِنْ رَهِبُوا فِأَنْتَ المَفْزَعُ

أمنتهمْ وَقتلتَ منْ ريعوا بهِ
فلذاكَ مالهمُ الغداة َ مروعُ

ملكَ الملوكِ وَمنْ أحقُّ بدعوتي
مِمَّنْ تَذِلُّ لَهُ الْمُلُوكُ وَتَخْضَعُ

قَدْ ظَلَّ فِي الآفَاقِ ذِكْرُكَ نَافِذاً
فَمَوَاقِعُ الأَقْدَارِ حِينَ تُوَقِّعُ

لوْ كنتَ في الزمنِ القديمِ وَإنْ شأى
بِالْمُعْجِزَاتِ السَّابِقُ الْمُسْتَتْبَعُ

لأَقْمتَ مِنْ حُجَّابِ قَصْرِكَ قَيْصَراً
وَلَكَانَ مِنْ أَتْبَاعِ مُلْكِكَ تُبَّعُ

تَزْدادُ مَجْداً كُلَّما قالَ الْوَرى
لَمْ يَبْقَ فِي قَوْسِ السِّيَادَة ِ مَنْزِعُ

وَعلى َ الخخلافة ِ منْ مآثرِ سيفها
تاجٌ بدرَّ المكرماتِ مرصعُ

مَنْ ذَا يُطَمِّعُ نَفْسَهُ بِفَضِيلَة ٍ
وَإِلَيْكَ تَنْتَسِبُ الْفَضَائِلُ أَجْمَعُ

وَالهمة ُ البكرُ التي لمْ تفترعْ
خَصَّتْكَ بِالشَّرَفِ الَّذِي لاَيُفْرَعُ

يا منْ تفردَ بالعلى فصفاتهُ
لاَ تدعى وَصفاتهُ لاَ تقرعُ

إنْ كانَ في الدنيا ثناءٌ خالدٌ
يَبْقى عَلَيْكَ فَمَا أَقُولُ وَتَسْمَعُ

فبقيتَ تبدعُ في الفعالِ فإنني
فِي الْقَوْلِ يَا شَرَفَ الْمَعَالِي أُبْدِعُ