كذا في طلاب المجدِ فليسعَ منْ سسعى - ابن حيوس

كذا في طلاب المجدِ فليسعَ منْ سسعى
بَلَغْتَ الْمَدى فَلْيُعْطَ فَخْرُكَ مَا ادَّعى

مدى ً لوْ تجاريكَ الرياحُ تؤمهُ
لخلفها التقصيرُ حسرى وَظلعا

فَلَسْتَ تَرى طَرْفَا إِلى الْمَجْدِ طَامِحاً
سَلاَ النَّاسُ عمَّا لَمْ تَدَعْ فِيهِ مَطْمَعا

إذا ما ملوكُ الأرضِ تيهاً ترفعوا
كَفَاكَ عُلُوُّ الْقَدْرِ أَنْ تَتَرَفَّعا

وَإِنَّكَ إِنْ عَنَّتْ غِمَارٌ مِنَ الرَّدى
لأَوْرَدُهُمْ مَا لَمْ تَرَ العَارَ مَشْرَعا

وَأمنعهمْ حزباً إذا اشتجرَ القنا
وَأنداهمُ ترباً إذا الغيثُ أقلعا

وَحاشاكَ أنْ يغشاكَ عجزٌ أباتهمْ
مدى الليلِ عنْ ساري همومكَ هجعا

تَبِيتُ الْعِتَاقُ الْقُبُّ تَحْتَ سُرُوجِها
عَلَى کلْهامِ وَکلأَتجْسامِ بيْضاً وَأَدْرُعا

وَتمنعُ ما تحوي لتعطيهُ ندى ً
وَغَيْرُكَ لاَ يَنْفَكُّ يُعْطى لِيَمْنَعا

وَلَمَّا تَعَدى کلدَّهْرُ بکلأَمْسِ طَوْرَهُ
فأحدثَ خطباً ما أجلَّ وَأفظعا

وَقدْ أصبحتْ أمُّ العزاءَ لما عرا
سلوباً وَأمُّ الهمَّ وَ الرعبِ متبعا

أَحَلْتَ شَديدَ کلْخَوْفِ أَمْناً لِوَقِتِه
فأضحكَ منْ بكى وَبشرَ منْ نعا

تَدَارَكْتَ يَا سَيْفَ کلإِمَامَيْنِ دِينَنا
وَقَدْ كَرَبَتْ أَرْكَانُهُ أَنْ تَضَعْضَعا

برأيٍ متى أعلمتهُ في ملمة ٍ
فكمْ يرجعُ العاتي بهِ متضرعا

إذا خدعتْ آراءُ قومٍ أبى لهُ
مهذبهُ أنْ يستزلَّ فيخدعا

أخذتَ على منْ ضمَّ ششامكَ بيعة ً
بِها أَمِنُوا کلأَمْرَ کلَّذِي كان أَجْزَعا

جَمَعْتَ بِها کلأَهْوَاءَ لَمَّا تَفَرَّقَتْ
وَفرقتَ شملَ الغيَّ لما تجمعا

فللتَ ظبى الأيام لما جعلتها

دَعاكَ لَها مُسْتَنْصِرُ کلله دَعْوَة ً
فلبيتهُ قبلَ الخلائقِ مسرعا

فلمْ تألُ أنْ أوقعتَ بالإفكِ كلَّ ما
يخافُ وَأمنتَ الهدى ما توقعا

وَلوْ أمهلتْ تلكَ الأباطيلُ ساعة ً
لأبقى شباها مازنَ الحقَّ أجدعا

وَقَدْ عَلَتِ الأَصْوَاتُ حَتّى رَدَدْتَها
بحزمكَ منْ تحتِ الحيازيمِ خشعا

فمدتْ لكَ الأيدي وَلوْ أنها أبتْ
لَمُدَّتْ رِقابٌ لِلصَّوَارِمِ خُضَّعا

وَلَوْ عَمِيَتْ عَمَّا أرَيْتَ بَصائِرٌ
لَبَصَّرتَها بِالْقَعْضَبِيَّة ِ لُمَّعا

مساعٍ حلبتَ الدهرَ فيها شطورهُ
وَلمْ تبقِ في قوسِ السيادة ِ منزعا

وَما زِلْتَ عَنْ حَقِّ الأَئِمَّة ِ دَافِعاً
حوادثَ لمْ يعرفْ لها الناسُ مدفعا

فإنْ أضربوا عنْ ذي الفقارِ فبعدما
أَصابُوكَ أَجْرى مِنْهُ حَدّاً وَأَقَطَعا

وإِنْ نِلْتَ هذَا الْمُرْتَقى وَهْوَ لَمْ يُنَلْ
فَلَمْ تَرْقَ حَتّى رُقْتَ مَرْأَى ً وَمَسْمَعا

وَمنذُ اصطفاكَ الملكُ ألفاكَ موئلاً
لَهُ وَلَنا فِيما أَلَمَّ وَمَفْزَعا

وَمُذْ ذُدْتَ عَنْ إِرْثِ الإِمامَة ِ مَنْ طَغى
بسيفكَ أضحى روضة ً ليسَ ترتعا

تَحَدَّيْتَ أَهْلَ الْبَغْيِ حَتّى أَصَرْتَهُمْ
لأمركَ ممنْ ما بغى قطُّ أطوعا

وَأدنيتَ بالجدوى أمانيَّ لمْ تزلْ
إِلَيْكَ عَلَى بُعْدِ کلمسافَة ِ نُزَّعا

فَدَانَتْ لَكَ کلدُّنْيا وَأَعْطاكَ أَهْلُها
قياداً على رغمِ المعاطسِ طيعا

وَكَمْ مازِقٍ رَدَّ کلنَّدى لَكَ وَجْهَهُ
وَقدْ طالما وَلاكَ للخوفِ أخدعا

وَلَوْ لَمْ تُمَيِّلْهُ إِلى کلْبِرِّ عَنْوَة ً
لأَوْجَفَ فِي نَهْجِ کلْعُقُوقِ وَأَوْضَعا

لقدْ فازَ منْ ألقى إليكَ عصيهُ
كَمَاخابَ مَنْ لَمْ يُبْقِ للْعَفْوِ مَوْضِعا

وَمَا زِلْتَ دُونَ کلدِّيِن قِدْماً مُقَارِعاً
نوائبَ لوْ قارعنَ رضوى تصدعا

أقمتَ لها سوقَ الطعانِ وَلمْ تقمْ
دعائمَ هذا الدينِ كالمسرِ شرعا

وَلَوْ لَمْ تَذُدْ عَنْهُ کلخُطُوبَ بِقُوَّة ٍ
لما أمنتِ تلكَ القوى أنْ تقطعا

فتحتَ ملوكِ الخافقينِ أسرة ٌ
تَزَعْزَعُ خَوْفاً إِنْ قَنَاكَ تَزَعْزعا

عَزَائِمُ لَمْ تُؤمِنْ عَوَاديِها کلعِدى
وَتؤمنُ ما أمضيتَ أنْ يتتبعا

لئنْ قبحتْ في عينِ شانيكَ منظراً
لقدْ حسنتْ عندَ الخلافة ِ موقعا

وَإنْ أسدتْ ذؤبانُ ذبيانَ فاحتمتْ
فكمْ روعتْ منْ طيءٍ روعَ أروعا

سَلَبْتُهمُ فَخْراً تَلِيداً وَنَخْوة ً
حَصَاناً مِنَ کلعَدْوى وَعِزّاً مُمَنَّعا

وَمَا مَلَكُوا مِنْ عَهْدِ عَادٍ وَتُبَّعٍ
بحدَّ ظبيً يذكرنَ عاداً وَتبعاً

قواطعُ ما تنفكُّ في كلَّ مشهدٍ
تميتُ لتحي أوْ تضرُّ لتنفعا

وَكانُوا هُمُ کلْحيُّ کللَّقَاحُ فَغُودِرُوا
بها للقاحِ الذلَّ وَالضيمِ مرتعا

وَلاَ راحة ٌ للقومِ منْ فتكِ راحة ٍ
يَطُلُ القَنَا فِيها وَإِنْ كَان إَذْرُعا

إِذَا العَزْمُ كَفَّ کلدهرَ عَنْ غُلَوَائِهِ
فَلَمْ يُدْنِ مَنْ أَقْصى وَلاَ رَاعَ مَنْ رَعا

أَقَلْتَ عِثَارِي لاَ عَرَتْكَ مُلِمَّة ٌ
فَقَالَ لَعاً مَنْ قَالَ مِنْ قَبْلُ لاَما

وجُدْتَ بِإدْنَائي ابْتِدَاءً وَلَمْ تَزَلْ
تَجُودُ إِذا المَسؤُولُ ضَنَّ تَبَرُّعا

وَلَمَّا أَبَيْتُ الشافِعِينَ لِمَنَّهمْ
وجدتُ شفيعاً منْ علاكَ مشفعا

فعاودَ إعدامي بظلكِ لاَ انطوى
ثَراءً وَمُصطَافِي بِرَبْعِكَ مَرْبَعا

وَأَصْبَحَ حَوْضِي في جنَابِكَ مُتْرَعَا
علاءً وَ روضي منْ سحابكَ ممرعا

فجدْ بالعطايا عنْ حياضٍ ملأتها
كفاني نوالاً أنْ أقولَ وَتسمعا

فَما طَلَبِي المَعْرُوفَ إِلاَّ غَنِيمة ٌ
لَدَيْكَ وَقَدْحُزْتُ العُلى والْغِنى مَعا

أيادٍ تباري الغيثَ إبانَ هطلهِ
وَتخلفهُ فينا إذا هوَ أقلعا

وزعتُ رجائي عنْ سواكَ ببعضها
وَلَوْلاَكَ أَضْحى فِي الْوَرى مُتَوَزِّعا

وَ كيفَ يؤدي الحمدُ فرضَ جميعها
وَأَيْسَرُها يَسْتَغْرِقُ الْحَمْدَ أَجْمَعا

وَمالِيَ لاَ أُثْنِي عَلَيْكَ بِبَعْضِ ما
أنلتَ وَقدْ أثنى الجمادُ تطوعا

فَدُمْتَ لِهذَا الْعِيدِ ما دَامَ وَأنْكَفى
برغمِ العدى مستقبلاً وَمشيعا

وَلاَ زالَ فيهِ مستجاباً دعاءُ منْ
دَعا لَكَ ما لَبّى الْحَجِيجُ وَما دَعا

فكمْ مستقلٍ عنكَ ما تركتْ لهُ
إِلَيْكَ عَطاياكَ الْجَسِيمَة ُ مَرْجِعا

وَما أَحْسَنَ الْعافِي بِعَيْنِكَ قادِماً
وَأَقْبَحَهُ فِيها إِذَا هُوَ وَدَّعا

فَدُونَكَها ما أَطْلَعَتْها صَحِيفَة ٌ
كَما ظَنَّها ذُو الفَضْلِ للفَضْلِ مَطْلَعا

إذا قلَّ عرفُ المسكِ منْ طولِ لبثهِ
أَجَدَّ لَها مَرُّ اللَّيالِي تَضَوُّعا

سقى روضها غيثُ المعالي وَضمنتْ
حديثاً إذا ما سارَ في الأرضِ أسرعا

وصيرها تبرُ الكلامِ وَدرهُ
عَلَى هامَة ِ العَلْياءِ تاجَاً مُرَصَّعاً

لعاشَ مذْ ظلتَ فينا فلاَ رأتْ
لجنبِ الندى عينٌ مدى الدهرِ مصوعا