ليهنكَ ما أنالتكَ الجدودُ - ابن حيوس

ليهنكَ ما أنالتكَ الجدودُ
وَأنَّ الدهرَ يفعلُ ما تريدُ

مرامٌ شطَّ مرمى العزمِ فيهِ
فَدُونَ مَدَاهُ بِيدٌ لاَ تَبِيدُ

وَأَمْرٌ قُمْتَ فِيهِ بِلاَ ظَهِيرٍ
وَأَهْلُ الأَرْضِ مِنْ فَشَلٍ قُعُودُ

وَمِثْلكَ لاَ يَضِلُّ الحَزْمُ عَنْهُ
فهلْ أنباكَ بالصدرِ الورودُ

أبيْتَ فَلَمْ تَنَمْ نَوْمَ ابْنِ هِنْدٍ
عَلَى حَنَقٍ فَنَبَّهَهُ وَلِيدُ

وَأَعْفَيْتَ المَسَامِعَ مِنْ حَدِيثٍ
يَعِنُّ فَتَقْشَعِرُّ لَهُ الجُلُودُ

نباً ضاقتْ بنسوانٍ خدورٌ
لَهُ وَنَبَتْ بِأَطْفَالٍ مُهُودُ

فَكَذَّبَ ظَنَّ مَنْ عَادَاكَ صِدْقٌ
تساوى فيهِ وعدكَ وَالوعيدُ

وَعِيدٌ غَادَرَ المُرَّاقَ صَرْعى
وَعِيدٌ مَا أَتى مَأْتَاهُ عِيدُ

فلولاَ كونهُ معَ يومِ بدرٍ
لَقُلْنَا إِنَّهُ اليَوْمُ الوَحيدُ

مَقَامٌ آزَرَتْ أَسَداً نُمَيْرٌ
لديهِ وَظافرتْ كلباً عتودُ

وَأيُّ حمى ً أباحوا يومَ باحوا
بِمَا كَتَمَتْهُ فِي السِّلْمِ العُمُودُ

لَقَدْ طَاحَ الرَّجَاءُ بِطُغْلُبكٍّ
وَكمْ أملٍ إلى أجلٍ يقودُ

كَأَشْدَقِ عَبْدِ شَمْسٍ إِذْ تَبَغّى
تراثاً لمْ يخلفهُ سعيدُ

وَجاورَ أهلَ تلكَ الأرضِ منهُ
مَريدٌ لاِجْتِيَاحِهِمُ مُرِيدُ

عَجِبْتُ لِمُدَّعِي الآفَاقِ مُلْكَاً
وَغايتهُ ببغدادَ الركودُ

يَصُولُ عَلَى رَعَايَاهَا اعِتِدَاءً
وَيُحْجَمُ كُلَّمَا صَلَّ الحَدِيدُ

وَمنْ مستخلفٍ بالهونِ راضٍ
يذادُ عنِ الحياضِ وَلاَ يذودُ

لَهُ حَرَمٌ هُنَالِكَ لَمْ يُحَرَّمْ
بِهِ إِلاَّ السَّلاَمَة ُ وَالهُجُودُ

تَلاَهُ خَوْفُهُ بِأَشَدِّ مِنْهُ
وَلَوْلاَ الجُدْبُ مَا أُكِلَ الهَبِيدُ

وَدَبرَهُ ابْنُ مُسْلِمَة ٍ سَفَاهَا
برأيٍ ما اشارَ بهِ رشيدُ

وَضاعفَ ضعفهُ فرطُ التوقيِ
وَأيدَ أيدكَ البطشُ الشديدُ

وَمَا کلْبَطْشُ کلشَّدِيدُ مُفِيدُ عِزٍّ
إِذَا لَمْ يُمضِهِ کلرَّأْيُ کلسَّديدُ

وَأعجبُ منهما سيفٌ بمصرٍ
تقامُ بهِ بسنجارَ الحدودُ

عَلَى مَنْ وَارَتِ الدِّيرانُ مِنْهُمْ
جُسُومٌ لَيْسَ يَقْبَلُهَا الصَّعِيدُ

أزيلوا عنْ مواقفهمْ بضربٍ
تَزُولُ بِهِ الضَّغَائِنُ والحُقُودُ

فَكَمْ غُلَلٍ شَفَاهَا حَرُّ ضَرْبٍ
وَقَدْ أَعْيَا بِهَا المَاءُ البَرُودُ

لَقَدْ لاَقَوْا بِنُصْرَتِهِمْ قُرَيْشاً
كما لاقتْ بأشقاها ثمودُ

عَلَيْهِ أَنَّ مُبْدِئَهُ مُعِيدُ
وَلمْ تغنِ المواثقُ وَالعهودُ

وَلاَ العزُّ الطريفُ حماهُ مما
أَرَدْتَ بِهِ وَلاَ العِزُّ التَّلِيدُ

فَوَلّى يَحمَدُ الجُرْدَ المَذَاكِي
وَليسَ لسيفهِ أثرٌ حميدُ

وَغرَّ الغرَّ أنَّ الدينَ واهٍ
هناكَ وَأنَّ ناصرهُ بعيدُ

ففاتهمُ بعزمكَ ما أرادوا
وَآلَ بهمْ إلى ما لمْ يريدوا

وَلَمْ تَزَلِ الأَمَانِي وَهْيَ بِيضٌ
تُكَذِّبُها المَنَايَا وَهْيَ سُودُ

فمنْ جيشٍ يعدُّ العودَ فتحاً
وَمِنْ جَيْشٍ يَمُرُّ فَلاَ يَعُودُ

وَما إقدامُ قطرمشٍ معادٌ
وَلاَ عُمَرٌ لَهُ عُمْرٌ جَدِيدُ

جَنَاحَا جَارِحٍ غَرْثَانَ هِيضَا
فَأَصْبَحَ لاَ يَطِيرُ وَلاَ يَصِيدُ

وَطَوْدُ أَذى ً وَهَتْ بِسُطَاكَ مِنْهُ
قواعدُ جمة ٌ وَوهتْ ريودُ

سطى ً سمعَ الملوكُ بها فظلتْ
أسرتهمْ بها خوفاً تميدُ

وَشاعَ حَدِيثُها فَکرْتاعَ مِنْها
عَمِيدٌ وَاسْتَقَامَ بِها عَنِيدُ

رَمَيْتَهُمُ بِكُلِّ سَلِيلِ غابٍ
يَعِيشُ بِفَرْسِهِ ضَبُعٌ وَسِيدُ

يروق فؤادهُ نأيٌّ وَعودٌ
يغذُّ السيرَ لاَ نايٌ وَعودُ

وَيعجبهُ النهودُ إلى الأعادي
مشيحاً لاَ القدودُ وَلاَ النهودُ

وَلَوْ أَنَّ النَّعامَ بِكَ أسْتَجَارَتْ
لخافتْ منْ عواديها الأسودُ

فَكَيْفَ وَمُسْتَجِيرُكَ أَحْوَذِيٌ
تحداهُ الحتوفُ فلاَ يحيدُ

تَفَرَّدَ وَهْوَ مُجْتَنَبٌ مَخُوفٌ
كَما يُتَجَنَّبُ الحَيُّ الحَرِيدُ

وَفاضَ عليهِ بالإحسانِ حتى
تَخَلَّصَهُ مِنَ العَدَمِ الوُجُودِ

كريمٌ منْ عطاياهُ المعالي
عظيمٌ منْ تحاياهُ السجودُ

مُؤَمَّلُهُ يُفِيدُ غِنَى ً وَعِزّاً
وَشانيهِ بغصتهِ يفيدُ

غَمامٌ فِيهِ مِنْ بِشْرٍ بُرُوقٌ
وَلمْ يصحبهُ منْ منًّ رعودُ

مُلِثٌّ ما يُبالِي حَيثُ يَهْمِي
أُتِيحَ لَهُ شَكُورٌ أَمْ كَنُودُ

وَأعطى ما وهبتَ بلا اكتراثٍ
عليهِ أنَّ مبدئهُ نعيدُ

وَكلُّ ندى ً إلى جدواكَ يعزى
كَما تُعْزى إِلى الغَيْثِ المُدُودُ

عممتَ القومَ منْ عجمٍ وَعربٍ
مواهبَ ما خلاَ منهنَّ جيدُ

لُهى ً كَادَتْ عَدُوَّهُمُ وَكَادَتْ
تَضِيقُ بِها التَّهائِمُ والنُّجُودُ

تَخَالَفَتِ الرِّفَاقُ بِها إلَيْهِمْ
كَما اخْتَلَفَتْ عَلَى التَّجْرِ النُّقُودُ

وَربَّ مغانمٍ أدتْ إليها
مَغارِمُ حَمْلُ أَدْناها يَؤُدُ

وَأَرْسَلْتَ العِتاقَ الجُرْدَ قُبّاً
يُعارِضُ مُمْتَطى ً مِنْها مَقُودُ

وَمِنْ أُدَدٍ وَعَدْنَانٍ عَلَيْها
جنودٌ لا تلاقيها جنودُ

منَ الأسرِ التي ألوتْ بكسرى
وَذاكَ وَمنْ سلاحهمُ الجريدُ

مَرَتْ خِلْفَ التِّلافِ بِكُلِّ مَرْتٍ
تَنُوبُ عَنِ السُّرُوجِ بِهِ القُتُودُ

وَنكبتِ الجبالَ بهمْ جبالٌ
ضوامرُ لاَ تجفُّ لها لبودُ

إذا قدحتْ فما يدجر ظلامٌ
وإن ضَبحتْ فما ينجو طريدُ

أَبَتْ وَطْءِ الثَّرى تِيهاً فَصَارَتْ
مواطئها النواظرُ وَالخدودُ

وَحلَّ الموصلَ المنصورَ يثني
بِسَطْوَتِهِ وَنَخْوَتِهِ الوُفُودُ

وَقدْ شهدتْ منابرها بحقًّ
مَلاَئِكَة ُ السمَاءِ بِهِ شُهُودُ

وَسَوْفَ تُضافُ بَغْدَادُ إِلَيْها
كَما أنْضافَتْ إِلى عَدَنٍ زَبِيدُ

فقدْ ضعفتْ زنودٌ عنْ قسيًّ
رَمَتْ عَنْها الْعِدى وَكَبَتْ زُنُودُ

وَلِلنَّارِ الَّتي شَبَّتْ فَخِيفَتْ
خمودٌ سوفَ يتبعهُ همودُ

لَكَ الْفَتْحُ الْمُبِينُ بِكُلِّ وَجْهٍ
قصدتَ وَللعدى الحتفُ المبيدُ

لَقَدْ سُدْتَ الْمُلُوكَ بِمَأْثُرَاتٍ
بِها الْوُزَرَاءُ أَيْسَرُ مَنْ تَسودُ

سددتَ منَ الهدى مالمْ يسدوا
وَشِدْتَ مِنَ الْعُلى ما لَمْ يَشِيدُوا

بِناؤُكَ كُلُّهُ أَجْرٌ وَشُكْرٌ
وَما يَبْنُونَ آجُرٌّ وَشِيدُ

جميلٌ تسترقُّ بهِ الأماني
وَعَدْلٌ يُسْتَحَقُّ بِهِ الْخُلُودُ

حَلَلْتَ مِنَ الْخِلاَفة ِ فِي مَكانٍ
بِهِ عُدِمَ الْمباشِرُ وَالْحَسُودُ

وَلَمْ يَحْلُمْ بِشَرْوَاكَ التَّمَنِي
وّلاَ جادَ الزَّمانُ وَلاَ يَجُودُ

بقيتَ وَمشبهاكَ تقى ً وَحلمٌ
وَظِلُّكُمُ عَلَى الدُّنْيا مَدِيدُ

وَلاَ زالتْ بأفقِ الملكِ منكمْ
نُجُومٌ لاَتَعَدَّاها السُّعُودُ

وَلاَ برحتْ كذا الأعيادُ تأتي
وَجدكَ قاهرٌ فيها سعيدُ

وَما أبقى فعالكَ لي مقالاً
وَلكنَّ ارتياحكَ يستعيدُ

مَدَائِحُ طَالَما أَبْدَعَتُ فِيهَا
وَأَيْنَ وُقُوعُها مِمَّا أُرِيدُ

إذا تليتْ على الحسادِ قالوا
كذا فلينظمِ الدرُّ الفريدُ

وَلاَ إحسانَ إلاَّ في مجيدٍ
علاَ همماً وَمادحهُ مجيدُ

وَلَنْ نَخْشَى عَلَى فَخْرٍ شُروداً
إِذَا عَقَلَتْهُ قافِيَة ٌ شَرُودُ

فَسَيِّرْ بي حَدِيثَ الْمَجْدِ إِنِّي
لِمَا أَثَّلْتَ مِنْ شَرَفٍ مُشِيدُ

فَدُمْ عَلَماً لَهُ ما اخْضَلَّ تُرْبٌ
تَوالى سَقْيُهُ وَاخْضَرَّ عُودُ