قَسَماً بِسُؤْدُدِكَ الَّذِي لاَ يُدَّعا - ابن حيوس

قَسَماً بِسُؤْدُدِكَ الَّذِي لاَ يُدَّعا
وَحلولكَ الشرفَ الذي لنْ يفرعا

لَقَدْ أكتَسَتْ أَيَّامُنا بِكَ رَوْنَقاً
حَسُنَتْ بِهِ مَرْأَى وَطَابَتْ مَسْمَعا

طالَ الأُلى طالُوا الأَنَامَ بِباطِلٍ
وَعَلَوْتَ بِالحَقِّ الَّذِي لَنْ يُدْفَعا

وَسَلَكْتَ فِي حَوْزِ الثَّنَاءِ مَسالِكاً
ظَلَّ الأَنَامُ بِها وَرَاءَكَ ظُلَّعا

بمكارمٍ أوليتها متبرعا
وَجرائمٍ ألغيتها متورعا

مجدٌ تضوعتِ البلادُ بنشرهِ
طِيباً فَأَغْنى سائِفاً أَنْ يَسْمَعا

مَا إِنْ أَتى فَهْمَ القَرِيبِ عِبَارَة ً
حتى أتى أنفَ البعيدِ تضوعا

للهِ تاجُ الأصفياءِ فإنهُ
أَضْحَى بِدُرِّ المَأَثُراتِ مُرَصَّعاً

ملكٌ رياضُ ثرائهِ مرعية ٌ
كَرَماً وَرَوْضُ عَلاَئِهِ لاَ يُرْتَعا

ما زالَ يكلؤهُ بعينٍ لمْ تذقْ
سِنَة ً وَيَمْنَعُهُ بِقَلْبٍ أَصْمَعا

حتى استبدَّ بألفِ جزءٍ منْ على ً
وَأصارَ جزءاً في الأنامِ موزعا

يَا سَيِّدَ الوُزَرَاءِ فُقْتَ بِهِمَّة ٍ
عَزَّتْ عَلَى كِسْرى وَأَعْيَتْ تُبَّعا

وَلُهى ً تَظَلُّ قَرِيبَة ً مِمَّنْ نَأَى
عَنْ سَيْبِهَا وَمُجِيبَة ً مِمَّنْ دَعا

أَدْنَى الرَّجَاءُ إِلَيْكَ مَنْ لَمْ يُدْنِهِ
وطنٌ لقدْ نادى نداكَ فأسمعا

وَأَرى ارْتِيَاحَكَ ضَامِناً إِيْمَانَ مَنْ
دَهَتِ الخُطُوبُ فَأَمَّ دَارَكَ مُهْطِعاً

دارٌ بكَ استعلتْ وَطالَ بناؤها
شرفاً فلاَ زالتْ لوجهكَ مطلعا

وَلَقَدْ أَضَفْتَ إِلى التَقِيَّة ِ هَيْبَة ً
جَبَرَتْ عَدُوَّكَ أَنْ يَذِلَّ وَيَخْضَعا

وَتَكَفَّلَتْ لَكَ بِالمُرَادِ عَزَائِمٌ
لَوْ لاَمَسَتْ جَبَلاً أَشَمَّ تَصَدَّعا

فالإفكُ منذُ حضرتهُ لمْ ينفسحْ
وَالدينُ منذُ نصرتهُ ما روعا

أَمَّا الزَمَانُ فَقَدْ غَدَا بِكَ مُصْلِحاً
ما كانَ أفسدَ ، حافظاً ما ضيعا

روعتَ عاصيهُ فأصبحَ طائعاً
وَقَدَعْتَ جَامِحَهُ فَأَصْحَبَ طَيِّعا

فَإِذَا أَشَرْتَ عَلَيْهِ بِالقَصْدِ أرْعَوى
وَإذا أشرتَ إليهِ إيماءٌ وَعا

قلدتهُ المننُ الجسامَ فجاهلٌ
منْ ظنهُ يثني عليكَ تطوعا

لما هجرتُ إلى جنابكَ مضجعي
مَا كُنْتَ فِي فِعْلِ الجَمِيلِ مُضَجِّعا

بَلْ كانَ جُودُكَ مِنْ سَحابٍ هاطِلٍ
أندى وَمنْ إيماضِ برقٍ أسرعا

ما إِنْ لَقَيْتَكَ مادِحاً وَمُسْلِّماً
حَتَّى لَقِيتُكَ حامِداً وَمُوَدِّعا

لاَ نالتِ الآمالُ أيسرَ سؤلها
إنْ نكبتْ ما عشتُ هذا المشرعا

فلقدْ كفاني غيثُ كفكَ أنْ أرى
طولَ الحياة ِ لديمة ٍ متوقعا

أَيَجُوزُ ذَاكَ وَقَدْ أَضَاقَ مَذَاهِبِي
عَنْ مُلْكِهِ مَلِكٌ أَنَالَ فَأَوْسَعا

مِنَنٌ تَوَالَتْ بِالمَوَاهِبِ فَکنْبَرى
رَوْضِي بِها أَحْوى وَحَوْضِي مُتْرَعا

وَسَرَرْتُ مِنْ قَبْلِ اللِّقَاءِ بِذِكْرِها
منْ كانَ إذْ حمَّ الفراقُ مروعا

إنْ ضرهمْ بعدي بظاهرِ أمرهِ
فَلَرُبَّما ضَرَّ الزَّمَانُ لِيَنْفَعا

لَرَدَدْتَنِي بِغَرَائِبِ الجَدْوى إِلى
منْ كانَ أقصى سؤلهِ أنْ أرجعا

إني أتيتكَ للغنى قبلَ العلى
فَنَحَوْتَ لِي حَتّى أَنَلْتَهُما مَعا

لَمْ تَرْضَ لِي حُلَلاً سَأَنْزِعُها غَداً
فَشَفَعْتَها بمَلاَبِسٍ لَنْ تُنْزَعا

أمطيتني ظهرَ السماكِ برتبة ٍ
سقيتْ عدايَ بها سماماً منقعا

فَلْيَعْلَمُوا أَنِّي ثَبَتُّ بِمَوْقِفٍ
لوْ قامَ سحبانٌ بهِ لتتعتا

قَدْ كُنْتُ مَغْلُولَ اليَدَيْنِ عَنْ الغِنى
فَجَعَلْتَ لِي بِنَدَاكَ أَنْ أَتَبَوَّعا

أَمَّ الرَّجَاءُ ذَرَاكَ غَيْرَ مُفَرِّعٍ
فسقيتهُ ماءَ الندى فتفرعا

لمْ تنفتقْ عنهُ كمائمُ نورهِ
فِي ظِلِّكَ المَمْدُودِ حَتّى أَيْنَعا

جاوزتَ ما فعلَ ابنُ جفنتكمْ بحـ
ـسَّانٍ وَما فَعَلَ الرَّشِيدُ بِأَشْجَعا

فَفَدَتْكَ مِنْ صَرْفِ النَّوَائِبِ أُمَّة ٌ
لولاكَ كانتْ للنوائبِ مرتعا

إنْ خافتِ الأزماتِ كنتَ غياثها
أوْ خافتِ النكباتِ كنتَ المفزعا

وَهَنَتْكَ عافِية ُ الخَطِيرِ فَإِنَّهَا
منْ أحسنِ الآلاءِ عندكَ موقعا

إنْ راعَ إذْ ألمَ القلوبَ جميعها
فهوَ ابنُ منْ أمنتْ بهِ أنْ تهلعا

أوْ جانبَ النومُ العيونَ إذِ اشتكى
فسطى أبيهِ قضتْ لها أنْ تهجعا

بَهَرَ الوَرى بِالحُكْمِ فِيهِمْ حَاكِماً
عدلاً وَراعهمُ خطيباً مصقعا

فَلَقَدْ أَبَانَ عَنِ الفَصَاحَة ِ وَالحِجى
وَالحُكْمِ يَوْمَ تَلاَ البَيانَ فَأَبْدَعا

فأمنتَ فيهِ وَفي أخيهِ حوادثاً
ما كُنَّ فِي أَيَّامِ غَيْرِكَ خُشَّعا

فكلاهما خطبَ الثناءَ بمهدهِ
وَسعى لحوزِ الحمدِ أولَ ما سعى

وَبَقِيتَ ما مَتَعَ النَّهارُ مُمَتَّعاً
بِهِما وَدَامَ بِكَ الزَّمانُ مُمَتَّعا

ضلتْ عوارفُ لمْ تجدْ بي مثلها
إنْ لمْ تجدني للضيعة ِ موضعا

لاَ تحكمنَّ لصارمٍ بفرندهِ
فأجلُّ جوهرِ صارمٍ أنْ يقطعا

وَاحبسْ عطاياكَ التي قدْ أذهلتْ
حسبي نوالاً أنْ أقولَ وَتسمعا

سَأَعُودُ عَنْ كَثَبٍ وَإِنْ لَمْ تُبْقِ لِي
فَعَلاَتُكَ الحُسْنى إِلَيها مَرْجِعا

أَسْتَوْدِعُ المَجْدَ المُؤَثَّلَ وَالتُّقى
وَالعَدْلَ رَبَّاً حَافِظَاً ما أسْتُوْدِعا

وَأجلُّ ما أرجوهُ بعدَ لقائكَ الـ
ـمَحْبُوبِ أَنْ أُلْفى لِشُكْرِكَ مُوَزَعا