عليَّ لها أنْ أحفظَ العهدَ وَالودا - ابن حيوس

عليَّ لها أنْ أحفظَ العهدَ وَالودا
وَإِنْ لَمْ يُفِدْ إِلاَّ القَطِيعَة َ وَالبُعْدا

وَكمْ عاذلٍ فيها أشارَ بهجرها
فَأَدَّى إِلى أَسْمَاعِنَا خَبَراً إِدَّا

إذا ما أطالَ اللومَ قلتُ لهُ اتئدْ
فِمَا عَاشِقٌ مَنْ لاَ يَرى غَيَّهُ رُشْدا

وَخدنُ الهوى منْ عدَّ إسخاطهُ رضى ً
وَإِكْدَارَهُ صَفْواً وَحَنْظَلَهُ شَهْدَا

وَلَوْ لَمْ يَرُضْنِي الشَّوْقُ وَالْهَجْرُ بُرْهَة ً
لَمَا كُنْتُ أَرْضى الْوَعْدَ وَالنَّائِلَ الثَّمْدَا

تَصَدَّتْ إِلى أَنْ قُلْتُ مَا الْهَجْرُ دِينُهَا
وَصدتْ إلى أنْ صرتُ لاَأنكرُ الصدا

وَبانتْ فباتَ الطيفُ يعصي بحكمها
يُوَاصِلُنِي سَهْواً وَيُهْجُرُنِي عَمْدَا

عشية َ قالتْ لاَ يمتُّ بأنهُ
مقيمٌ على دعواهُ منْ لمْ يمتْ وجدا

وَقَفْنَا مَعاً أَسْتَنْصِرُ الدَّمْعَ وَالضَّنى
إذا ما انبرتْ تستنصرُ الطرفَ وَالقدا

وَسَهْمَ لِحَاظٍ يُؤْلِمُ الْقَلْبَ جُرْحُهُ
أهانَ جراحاً تؤلمُ العظمَ وَالجلدا

وَتَخْجَلُ مِنْ ظُلْمِي صُرَاحاً فَكُلَّما
حَكى الْوَرْدَ خَدّاها حَكى دَمْعِيَ الْوَرْدَا

وَما زِلْتُ مِنْ أُولى زَمانِيَ رَاغِباً
بنفسيَ أنْ تبغي مآربها كدا

وَأَنْ أَقْدَحَ النَّارَ الَّتي يُهْتَدى بِها
إِلى الْحَظِّ ما كانَ الْخُضُوعُ لَها زَنْدَا

فَيا رَغْبَتي فِي الْحُبِّ عُودِي زَهادَة ً
فما أنتِ أولى رغبة ٍ رجعتْ زهدا

ذَرِي الأَمَلَ المُعْتَلَّ تَلْقَيْ صَحِيحَهُ
لدى ملكٍ أفعالهُ تخلقُ المجدا

إذَا جادَ لَمْ يَخْلُفْ مَوَاهِبَهُ الْحَيا
وَإَنْ قالَ لَمْ يُخْلِفْ وَعِيداً وَلا وَعْدَا

وَإِنْ جادَتِ الأْنْوَاءُ فِي الْخِصْبِ فاتَها
وَإنْ بخلتْ في المحلِ كانَ لها ضدا

وَإنْ عاقبَ الجانينَ صالَ وَما اعتدى
وَإنْ سئلَ الإنعامَ أغنى وَما اعتدا

سَدِيدٌ إِذَا الْقَوْلُ نابَ عِنِ الظُّبى
شَدِيدٌ عَلَى رَيْبِ الزَّمانِ إِذَا أشْتَدَّا

فدتْ سابقاً شوسُ الملوكِ فإنهُ
حقيقٌ بأنْ يثنى عليهِ وَأنْ يفدا

وَععزهمُ في المجدِ أبعدهمْ مدى
على أنهُ بالمهدِ أقربهمْ عهدا

وَأصفاهمُ ذهناً وَأنداهمُ يداً
وَأَضْفاهُمُ ظِلاًّ وَأَوْفاهُمُ رِفْدَا

يدلُّ وَلمْ يدللْ على نهجِ سؤددٍ
كَذَاكَ النُّجُومُ الزُّهْرُ تَهْدِي وَلا تُهْدَا

سَلِيْلُ الأُلى حَلُّوا ذُرَى الْمَجْدِ بِالْقَنا
وَخَلَّوْا لِمَنْ يَرْجُو لَحاقَهُمُ الْوَهْدَا

وَكمْ لهمُ منْ حاسدٍ بسطَ المنى
وَلكنهُ أودى وَما نالَ ما ودا

وَتنطقُ أهلَ العيَّ أوصافُ مجدهمْ
عَلَى أَنَّهُمْ إنْ فاخَرُوا أَخْرَسُوا اللُّدَّا

بَنِي صالِحٍ أَقْصَدْتُمُ مَنْ رَمَيْتُمُ
وَأَحْيَيْتُمُ مَنْ أَمَّ مَعْرُوفَكُمْ قَصْدَا

سَقى اللّهُ دَوْحاً يُثْمِرُ الْحَتْفَ وَالْغِنى
وَلاَ ملكتْ أيدي الخطوبِ لهُ عضدا

فَما وَخَدَتْ كُوم؟ الْمَطِيِّ بِرَاغِبٍ
وَلاَ راهبٍ إلاَّ بمدحكمُ تحدا

أفضتمْ على هذا الورى انعماً أبى
تَوَاتُرُها أَنْ يَسْتَطِيعُوا لَها جَحْدَا

وَأَنَّى يَهُمُّ الأَوْلِياءُ بِطَيِّها
وَلَمْ يَجِدِ الأَعْدَاءُ مِنْ نَشْرِها بُدَّا

جَنَوْا فَعَفَوْتُمْ وَأعْتَفَوْكُمْ فَجُدْتُمُ
فَأَحْسَنْتُمُ الْبُقْيا وَأَجْزَلْتُمُ الرِّفْدَا

وَذللتمُ صعبَ الزمانِ لأهلهِ
فذلَّ وَقدْ كانَ الجماحُ لهُ وَكدا

وَمالَ إلى الإنصافِ منْ بعدِ جورهِ
فأبدى الذي أخفى وَأخفى الذي أبدا

وَصَيَّرْتُمُ الْبَذْلَ الذَّي شاعَ ذِكْرُهُ
مُضافاً إِلى الْعَدْلِ الذَّي يُوجِبُ الخُلْدَا

دروعاً على الأعراضِ لاَ قومُ تبعٍ
قضوها وَلاَ داودُ أحكمها سردا

مَناقِبُ لَوْ أَنَّ اللَّيالِي تَوَشَّحَتْ
بِأَذْيالِها لآبْيَضَّ مِنْهُنَّ ما اسْوَدّا

وَمُلْكٌ حَوَاهُ بَعْدَما شابَ صالِحٌ
وَخُوِّلْتُمُوهُ بَعْدَهُ غِلْمَة ً مُرْدَا

فأشرعتمُ قدامهُ وَوراءهُ
صوارمَ تجتاحُ العدى وقناً ملدا

وَخَيْلاً إِذَا نادى الصَّريخُ تَهافَتَتْ
إليهِ سراعاً تحملُ الغابَ وَالأسدا

عِرَاباً كَساها النَّقْعُ مِمّضا يَحُوكُهُ
جلالاً وَقدْ سدتهُ عارية ً جردا

وَنارَيْنِ لِلْمَعْرُوفِ وَالْبَأْسِ شُبَّتا
لذي فاقة ٍ يحبا وَذي إحنة ٍ يردا

فنارُ قرى ً دلتْ عليهِ وَطالما
هَدَتْ عائِلاً قَدْ ضَلَّ وَاسْتَوفَدَتْ وَفدَا

وَنارُ وَغى ً يَصْلى بِها كُلُّ حائِنٍ
إذا ما بغى إطفاءها زادها وقدا

وَمنْ دونِ هذا العزَّ سيفُ خلافة ٍ
يفوقُ الظبى صفحاً وَيفضلها حدا

وَيَفْرُقُ ما بَيْنَ الْمَفارِقِ وَالَّلهى
إِذَا ما عَرَا خَطْبٌ وَما فارَقَ الْغِمْدَا

أَيا مَنْ حَمى شُكْرِي بِفائِضِ نائِلٍ
إذا رمتُ إحصاءً لهُ كثرَ العدا

وَأحسنَ بي يتلو أباهُ فما اعتدى
وَاسرفَ في فعلِ الجميلِ وَما اعتدا

ألستَ ابنَ منْ أنستْ عطاياهُ كلَّ منْ
همتْ يدهُ طوعاً وَكرهاً وَمنْ أجدا

وَكانَ ثوابُ المدحِ فيهمْ نسيئة ً
تُناسى إِلى حِينٍ فَعَجَّلَهُ نَقْدَا

وَأَعْطَوْا قَلِيلاً ثُمَّ أَكْدَوا فَيَمَّمَتْ
رِكابِيَ مَنْ أَعْطى كَثِيراً وَما أَكْدَا

فَعُوِّضْتُ مِنْ ذُلِّ الْمَطامِعِ عِزَّة ً
وَمِنْ خِيفَة ٍ أَمْناً وَمِنْ عَدَمٍ وَجْدَا

بِظِلِّ كَرِيمِ النَّجْرِ وِالْيَدِ لَمْ تَلِدْ
لَهُ مامَة ٌ مِثْلاً وَلاَ نَجَلَتْ سُعْدَا

وَفِي ضِمْنِ تِلكَ الْمَكْرُماتِ كَرَامَة ٌ
ظفرتُ بها حراً فصرتُ لها عبدا

فَها أَنا ثاوٍ فِي جَنابِكَ لَمْ أَمِلْ
إلى أملٍ ينحى وَلاَ منة ٍ تسدا

يَعافُ وُرُودَ الطَّرْقِ مَنْ وَجَدَ الْحَيا
وَيَأْبى الرِّضى بِالرَّشْحِ مَنْ جاوَرَ الْعِدَّا

هنيئاً لكَ العيدانِ ثانٍ وَأولٌ
تودُّ الثريا أنْ تكونَ لهُ مهدا

وَوَاهِبُهُ الْمَسْؤُولُ فِي أَنْ يُرِيكَهُ
هماماً سعيدَ الجدَّ وَابنَ ابنهِ جدا

وَلاَ زالَ منعوتاً بنعتِ سميهِ
وَأَخْبارُهُ تُرْوى وَرَاحَتُهُ تَنْدَا

وَمالِيَ لاَ أُهْدِي إِلَيْكَ غَرَائِباً
بكَ اعتصمتْ عنْ أن تباعَ وَأنْ تهدا

مضمنة ً مدحاً إذا ضاعَ نشرهُ
فما الندُ أهلاً أنْ يكونَ لهُ ندا

وَطائِيَّة َ التَّحْبِيرِ لَمْ تَعْدُ أَعْصُراً
وَنَجْدِيَّة ً لَمْ يَأْتِ قائِلُها نَجْدَا

وَكمْ راقَ شعرٌ ما حبيبٌ أتى بهِ
وَقَدَّ الطُّلى سَيْفٌ وَما عَرَفَ الْهِنْدَا

وَلنْ تبلغَ الأقوالُ ما أنتَ فاعلٌ
وَلوْ بلغتْ في وصفِ آلائكَ الجهدا

فَأَنْزَرُ ما تُعطِيهِ يُوفِي عَلَى الْمُنى
وَأَيْسَرُ ما تُولِيهِ يَسْتَغْرِقُ الْحَمْدَا