رَماكَ بِشَوْقٍ فَالمَدامِعُ ذُرَّفُ - الأبيوردي

رَماكَ بِشَوْقٍ فَالمَدامِعُ ذُرَّفُ
حَنينُ المَطايا أو حَمائِمُ هُتَّفُ

أَجلْ عاوَدَ القَلْبَ المُعَنّى خَبالُهُ
عَشِيَّة َ صَحبي عِنْدَ يبرينَ وُقَّفُ

فَلِلهِ ما يَطوي عَليهِ ضُلوعَهُ
رَميٌّ بِذكرِ الغانياتِ مُكَلَّفُ

يُهَيِّجُهُ نَوْحُ الحَمامِ وناسِمٌ
تَرِقُّ حَواشيهِ مِنَ الرِّيحِ، مُدْنَفُ

وَيُذكي لَه الغَيرانُ عَيناً إذا رأى
أَجارِعَ مِنْ حُزْوَى بِسَمْراءَ تُسْعِفُ

أَيُوعِدُني الحَيُّ اليَماني ، وَصارِمي
كَهَمِّكَ، مَفتوقُ الغِرارَينِ مُرهَفُ

وَأَفْرِشُ سَمْعي لِلْوَعيدِ فَحُبُّها
إذا جَمَحَتْ بي نَخْوَة ٌ يَتَلَطَّفُ

وَحَوْليَ مِنْ عُلْيا خُزَيْمَة َ عُصْبَة ٌ
إذا غَضِبَتْ ظَلَّتْ لَها الأرْضُ تَرْجُفُ

يَجْرُّونَ أذيالَ الدُّروعِ إلى الوَغى
فَأقوى َ وَيَعروني هواها فأضعُفُ

أَما وَجَلالِ اللّهِ لولا اتِّقاؤُهُ
لَباتَ يُوارينا الرِّداءُ المُفَوَّفُ

وَفَضَّ خِتامَ السِّرِّ بَيْني وَبَيْنَها
كَلامٌ يُؤَدِّيهِ البَنانُ المُطَرَّفُ

وَنازَعَني شَكْوى الصَّبابَة ِ شادِنٌ
مِنَ الغيدِ مَجْدولُ المُوَشَّحِ أَهْيَفُ

بِرابِيَة ٍ مَيْثاءَ أَضْحَكَ رَوْضَها
غَمامٌ بَكى مِنْ آخِرِ الَّليْلِ أَوْطَفُ

وَرَكْبٍ على الأَكوارِ غيدٍ مِنَ الكَرى
تَداوَلَهُمْ سَيْرٌحَثيثٌ وَنَفْنَفُ

تَرى العِتْقَ مِنْهُمْ في وُجوهٍ شَواحِبٍ
يُرَدِّدُ فيها لَحْظَهُ المُتَقَوِّفُ

وَتَخْدي بِهِمْ خُوصٌ تَخايَلُ في البُرى

ويَثني هَواديها إذا طَمِحَتْ بِها
مِنَ القِدِّ مَلويُّ المرائِرِ محصَفُ

سَرّوا وَفُضولُ الرَّيطِ تَضْرِبُها الصِّبا
إلى أن يَمَسَّ الأرضَ مِنهُنَّ رَفْرَفُ

وعَاتَبَني عَمروٌ على السَّيرِ وَالسُّرى
وَلَم يَدرِ أنّي لِلمَعالي أَطوّفُ

ومَا الصَّقْرُ يَسْتَذْكي الطّوى لَحَظاتِهِ
بِأَصْدَقَ مِنّي نَظْرَة ً حينَ يَخْطِفُ

أُخادِعُ ظَنّي عَنْ أمورِ خَفيَّة ٍ
إلى أن أرى تلك العَمايَة ِ تُكْشَفُ

وَأَهْزَأُ بِالأَنْوارِ وَالصُّبْحُ طالِعٌ
ولا اهتدي بِالنَّجمِ واللَّيلُ مُسْدِفُ

وَقَولٍ أتاني وَالحوادثُ جِمَّة ٌ
وَدونِيَ من ذاتِ الأَراكة ِ صَفصَفُ

أَغُضُّ لهُ طَرفي حَياءً مِنَ العُلا
وعَطْفاً عليكُمُ، والأَواصِرُ تُعْطِفُ

أَعَتباً وقد سَيَّرْتُ فيكُم مَدائِحاً
كَما خالَطَتْ ماءَ الغَمامَة ِ قَرْقَفُ

بَني عَمِّنا لا تَنسِبونا إلى الخَنى
فَلَمْ يَتَرَدَّدْ في كِنانَة َ مُقْرِفُ

أَأَشْتُمُ شَيْخاً لَفَّ عِرْقي بِعِرْقِهِ
مَناسِبُ تَزْكو في قُرَيشٍ وَتَشْرُفُ

وَأَهْجُو رِجالاً في العَشيرَة ِ سادَة ً
وبي مِن بَقايا الجاهِلِيَّة ِ عَجْرَفُ

وَإِنِّي إِذا ما لَجْلَجَ القَوْلُ فاخِرٌ
يُؤَنِّبُ في أَقوالِهِ وَيُعَنَّفُ

أُدافِعُ عن أحْسابِكُمْ بِقَصائِدٍ
غَدا المَجْدُ في أَثنائِها يَتَصَرَّفُ

وَلَمْ أخْتَرِعها رَغْبَة ً في نَوالِكُمْ
وإنْ كانَ مَشْمولاً بِهِ المُتَضَيِّفُ

وَلكنْ عُرَيْقٌ فيَّ مِنْ عَرَبيَّة ٍ
يُحامي وَراءَ ابنَي نِزارٍ وَيَأنَفُ

فَنَحْنُ بني دودانَ فَرْعَ خُزَيْمَة ٍ
يَذِلُّ لَنا ذو السَّورَة ِ المُتَغَطْرِفُ

وأَنتمْ ذَوو المَجْدِ القَديمِ يَضُمُّنا
أَبٌ خِمدفيُّ فيه للِفَخرِ مَألَفُ

وَتَقْرونَ والآفاقُ يَمْري نَجيعَها
شَآمِيَّة ٌ تَسْتَجْمِعُ الشَوْلَ حَرْجَفُ

فِناؤكم مأوى الصَّريخِ إذا انثَنى
بِأَيدي الكُماة ِ السَّمْهَرِيُّ المُثَقَّفُ

وَواديكُمْ لِلْمَكْرُماتِ مُعَرَّسٌ
رَحيبٌ بِطُلاّبِ النَّدى مُتَكَنَّفُ

بِأَرْجائِهِ ممّا اقْتَنَيْتُمْ نَزائِعٌ
يُباحُ عَلَيْهِنَّ الحِمى المُتَخَوَّفُ

تَرودُ بِأَبوابِ القِبابِ وَأهْلُها
عليها بِأَلْبانِ القَلائِصِ عُكَّفُ

وَأَمّاتُها أَوْدَتْ بِحُجْرٍ وَأَدْرَكَتْ
عُتَيْبَة ُ وَالأبْطالُ بِالبِيضِ تَدْلِفُ

وَكَمْ مَلِكٍ أَدْمَيْنَ بِالقَيْدِ ساقَهُ
فَظَلَّ يُداني مِنْ خُطاهُ وَيَرْسُفُ

فَيا لِنِزارٍ دَعْوَة ً مُضَرِيَّة ً
بِحَيثُ الرُّدَينيّاتُ بِالدَّمِ تَرْعُفُ

لنا في المعالي غاية ٌ لا يَرومها
سِوى أَسَديٍّ عَرَّقتْ فيهِ خِنْدِفُ