سَرَتْ وظَلامُ اللَّيلِ سِترٌ عَلى السّاري - الأبيوردي

سَرَتْ وظَلامُ اللَّيلِ سِترٌ عَلى السّاري
وَقَدْ عَرَّجَ الحادي بِبَطحاءِ ذي قارِ

بِحَيْثُ هزيزُ الأرْحَبِيِّ أَوِ الكَرى
يَميلُ بأَعناقٍ وَيَهفو بِأَكوارِ

أَلَمَّتْ بِرَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ تَطاوَحَتْ
بِهم عُقبُ المَسرَى وَأَنضاءُ أَسْفارِ

فَقالَتْ وَقَدْ عَضَّت عَلَينا تَعَجُّباً
أَنامِلَ بَيْضَاءِ التَّرائِبِ مِعْطارِ

سَقى وَرَعى الله المُعاوِيَّ، إنَّهُ
حُشاشَة ُ مَجدٍ تالِدٍ بَينَ أَطمارِ

وَإِنّي بِما مَنَّى الخَيالُ لَقانِعٌ
وَإنْ لَمْ يَكُنْ في ذاكَ حَظٌّ لِمُختارِ

فَعِفَّتيَ اليَقظَى سَجيَّة ُ ماجِدٍ
وَضَمَّتهُ الوَسنى خَديعَة ُ غَدّارِ

يَجوبُ إِليَّ البيدَ، وَاللَّيلُ ناشِرٌ
عَلى مُنْحنَى الوادي ذَوائِبَ أَنوارِ

وَأَفْديهِ مِنْ سارٍ عَلى الأَيْنِ طارِقٍ
وَأَهواهُ مِنْ طَيفٍ عَلى النَّأي زَوّارِ

فَحَيَّاهُ عَنّى كُلَّ مُمْسَى وَمُصْبِحٍ
تَهَزُّمُ وَطْفاءِ الرَّبابَيْنَ مِدْرارِ

إذا ضَجَّ فيها الرَّعدُ أُلبِسَتِ الرُّبا
حَياً ألاحَ البَرقُ بِالمنصَلِ العاري

عَلى أَنَّ سَلمى حالَ دُونَ لِقائِها
رِجالٌ يخوضونَ الرَّدى خَشْيَة َ العارِ

مَتى ما أزُرْها أَلْقَ عِنْدَ خِبائِها
أُشَيْعِثَ يَحْمي بِالقَنا حَوْزَة َ الدَّارِ

وَكَمْ طَرَقَتنا وَهي تَدَّرِعُ الدُّجى
وَتَمْشي الهُوَيْنى بَيْنَ عُونٍ وَأَبْكارِ

وَلَمّا رَأَيْنَ اللَّيْلَ شابَتْ فُروعُهُ
رَجَعْنَ وَلَمْ يَدْنَس رِداءٌ بِأَوزارِ

مَضى ، وَحَواشيهِ لِدانٌ، كَأَنَّما
كَساهُ النَّسيمُ الرَّطبُ رِقَّة َ أَسحارِ

وَهُنَّ يُجرِّرنَ الذُّيولَ عَلى الثَّرى
مَخَافَة َ أَنْ يَسْتَوضِحَ الحَيُّ آثاري

وَمِّما أّذاعَ السِّرَّ ورقاءُ، كُلَّما
أَمَلْتُ إلِيها السَّمْعَ نَمَّتْ بِأَسْرارِي

إذا هيَ ناحَتْ جاوَبَتْها حَمائِمٌ
كَما حَنَّ وَلْهَى في رَوائِمِ أظْآرِ

كَأَنَّ رُواتي عَلَّموهُنَّ مَنْطِقي
فَهُنَّ إذا غَرَّدنَ أَنشَدْنَ أشعاري

أَتَتْكَ القَوافي يابْنَ عَمْروٍ، وَلَمْ تَرِدْ
مُعَرَّسَ نُوّامٍ عَنِ الحَمْدِ أَغْمارِ

وَقَلَّدْتَنا نَعْماءَ كَالرَّوض، عانَقَتْ
أَزاهيرهُ رِيحُ الصِّبا غِبَّ أَمطارِ

أَيادِيكَ نُهْبَى الحَمْدِ في كُلِّ مَوْطِنٍ
تَميلُ بِأَسْماعٍ إلَيْكَ وَأَبْصارِ

وَأَنْتَ الذي قَلَّمْتَ أَظْفارَ فِتْنَة ٍ
أَلَحَّتْ بِأَنْيابٍ عَلَيْنا وَأَظْفارِ

وَمَلْحَمة ٍ دونَ الخِلافَة ِ خُضْتَها
بِعَزْمَة ِ أَبّاءٍ، عَلى القِرنِ كَرّارِ

إذا الحَرْبُ حَكَّتْ بَرْكَها بِابْنِ حُرَّة ٍ
مُهِيبٍ بِأُولى كُبَّة ِ الخَيلِ مِغوارِ

تَأَلّى يميناً لا يُفرِّجُ غَمْرَة ًً
بِهِ السَّيفُ إلاَّ عَنْ ذُحولٍ وأوتارِ

سَيَعْلَمُ راعي الذَّودِ أَنَّكَ قادِحٌ
بِزَنْدٍ تَفَرَّى عَنْ شَرارَتهِ وارِ

وَدُون الّذي يَبْغِيهِ أرْوَعُ ساحِبٌ
أَنابيبَ رُمحٍ في الكَريهَة ِ أَكسارِ

إذا الشَّرَفُ الوَضَّاحُ أظلَمَ أُفْقُهُ
تَوَشَّحَ مِنْ فَرْعَيْ تَميمٍ بِأَقْمارِ

يُراعُ العِدا مِنْهُمْ إذا ما تَحَدَّبُوا
عَلَى كُلِّ رَقّاصِ الأنابيبِ خَطّارِ

بِكُلِّ طَويلِ الباعِ فَرّاجِ كُرْبَة ٍ
وَوَهّابِ أَموالٍ، وَنَهّابِ أَعمارِ

يُدِرُّون أَخْلافَ الغَمامِ بِأَوْجُهٍ
شَرِقْنَ بِسَلْسالِ النَّضارَة ِ أحرارِ

وَأَنتَ إذا ما خالَفَ الفَرْعُ أصْلهُ
شَبيهُ أَبيكَ القَرْمِ عَمْرِو بنِ سَوَّارِ

تُلاثُ عُرا الأحْداثِ مِنْكَ بِماجِدٍ
لَدى السِّلْمِ نَفّاعٍ، وَفي الحَرْبِ ضَرّارِ

إذا ما انتَضيتَ الرَّأيَ أَغمَدَ كَيدُهُ
ظُبا كُلِّ مَعصوبٍ بهِ النَّقْعُ جَرّارِ

وَأَصْدَرْتَ ما أَوْرَدْتَ وَالحَزْمُ باسِطٌ
يَدَيكَ، وَلا إيرادَ إلاّ بِإصدارِ

وَلَمّا انزَوَت عنّا وُجوهُ مَعاشِرٍ
يَصُدّونَ في المَشْتى عَنِ الضَّيْفِ والجارِ

رَمَعْتَ لَنا نارَ القِرى بَعْدَما خَبَت
عَداكَ الرَّدى ، أُكرِمتَ يا مُوقِدَ النّارِ

عَلى حِينَ أَخْفَى صَوْتَهُ كُلُّ نَابِحٍ
وَبَرَّحَ تَعْطيلُ القِداحِ بِأَيْسارِ

فَلا مَجْدَ إلاّ ما حَوَيْتَ، وَقَد بَنى
سِواكَ عُلاً، لَكِنْ عَلى جُرُفٍ هارِ

وَوَاللّهِ ماضَمَّ انْتِقادُكَ نَبْعَة ً
إلى غَرَبٍ تُلْوي بِهِ الرِّيحُ خَوّارِ

وَفي الخَيلِ مالَمْ تَخْتَبرهُنَّ مَغْمَزٌ
أبى العِتقُ أَن يخفَى لدى كُلِّ مِضمارِ

فَعَدِّ عَنِ الذِّئْبِ الّذي شاعَ غَدْرُهُ
وَلا تَسْتَنِمْ إلاّ إلَى الضَّيْغَمِ الضّاري