أَلاَ مَنْ لِنَفْسٍ لا تَزالُ مُشيحَة ً - الأبيوردي

أَلاَ مَنْ لِنَفْسٍ لا تَزالُ مُشيحَة ً
على كَمَدٍ لَمْ يَبقَ إلاّ ذَماؤُها

أَرى هِمَّتي هَمّاً تَخَوَّنَ مُهْجَتي
فَقُلْ يا شَقيقَ النَّفْسِ لي ما شِفاؤها

وَمَنْ رامَ ما أَسْمُو إِلَيْهِ أَزارَهُ
صَوارِمَ تَرْوى بِالنَّجيعِ ظِماؤُها

وَطُلاّبِ مَجْدٍ دونَ ما يَبْتَغونَهُ
أَعالي رُباً لا يُسْتَطاعُ امْتِطاؤُها

عَلَونا ذُراها كَالبُدورِ تَأَلَّقَتْ
فَجَلَّى دياجيرَ الظَّلامِ ضياؤها

ونحنُ مُعاوِيُّون يَرْضَى بِنا الوَرى
مُلوكاً ، وفينا مِنْ لُؤَيٍّ لِواؤُها

وَأَخْوالُنا ساداتُ قَيْسٍ وَوائِلٍ
وَأَعْمامُنا مِنْ خِنْدِفٍ خُلفاؤها

وَقَدْ عَلِمَتْ عُليا كِنانَة َ أنَّنا
إذا نَقَضَ الطَّيْشُ الحُبا، حُلَماؤها

وَما بَلَغَتْ إلاّ بِنا العَرَبُ العُلا
وقد كان مِنّا عِزُّها وَثَراؤها

وَأَيُّ قَريضٍ طَبَّقَ الأَرْضَ لَمْ يَرُضْ
قَوافيَهُ في مَدْحِنا شُعَراؤُها؟

وَلَمّا انتَهَتْ أَيّامُنا عَلِقَتْ بِها
شَدائِدُ أَيّامٍ قَليلٍ رَخاؤُها

وَكانَ إلينا في السُّرورِ ابتِسامُها
فَصارَ عَلَيْنا في الهُمومِ بُكاؤُها

أُصيبَتْ بِنا فَاسْتَعْبَرَتْ، وَضلوعُها
على مِثْلِ وَخْزِ السَّمْهَرِيِّ انْطِواؤُها

وَلَو عَلِمَتْ ماذا تُعانِيهِ بَعْدَنا
لَما شَتِمَتْ جَهلاً بِنا سُفَهاؤُها

إذا ما ذَكَرْنا أَوَّلينَا تَوَلَّعَتْ
بنا مَيْعَة ٌ يُطْغِي الفَتى غُلْواؤُها

وقد ساءَ قَوْماً مِنْ نِزارٍ وَيَعْرُبٍ
فَخاري وَهُمْ أَرضٌ وَنَحْنُ سَماؤُها

وَهَلْ تَخْفِضُ الأُسْدُ الزَّئيرَ بِمَوْطنٍ
إذا لَجَّ فيهِ مِنْ كِلابٍ عُواؤُها

مَلَكْنا أَقالِيمَ البِلادِ فَأَذْعَنَتْ
لَنا رَغْبَة ً أَوْ رَهْبَة ً عُظَماؤُها

وَجاسَتْ بِنا الجُرْدُ العِتاقُ خِلالَها
سَواكِبَ مِنْ لَبّاتِهِنَّ دِماؤُها

فَصِرْنا نُلاقي في النّائِباتِ بِأَوْجُهٍ
رِقاقِ الحَواشي، كادَ يَقْطُرُ ماؤُها

إذا ما أَرْدنا أن نَبُوحَ بِما جَنَتْ
عَلَيْنا اللَّيالي لَمْ يَدَعْنا حَياؤُها

وَأَنْتُمْ بَني مَنْ عِيبَ أَوْلادُهُ بِهِ
ذَوو نِعْمَة ٍ يَضْفو عَلَيْكُمْ رِداؤُها

فَلَمْ تَسْأَلُوا عَمّا تُجِنُّ نُفُوسُنا
وَتَمْنَعُنا مِنْ ذِكرِهِ كِبرياؤُها

وَلا خَيْرَ في نَفسٍ تَذِلُّ لِحادثٍ
يُلِمُّ وَلا يَعْتادُها خيَلاؤُها

فَلا كانَ دَهْرٌ نِلْتُمُ فيهِ ثَرْوَة ً
وَتَبّاً لِدُنْيا أَنتمُ رُؤَساؤُها